اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
  أقلام تحت الشمس : 17- خلفيات ثورة أحمد عرابي
 


 
كتاب الى جمال الدين الافغاني

 

 

 أقلام تحت الشمس : 17- خلفيات ثورة أحمد عرابي!:

 

والحقيقة أن السلطنة العثمانية مع منتصف القرن التاسع عشر كانت تمر في مرحلة الصعبة من حياتها، حيث كانت تعاني من وضع إقتصادي شبه منهار بعد معارك القرم التي خرجت منها مهزومة، ومن فساد إداري تفشى في الحكومة والإدارات الرسمية، وخصوصا بعد نجاح المحافل الماسونية ويهود الدونمه من السيطرة على معظم تلك الإدارات. كما كانت تعاني من ضعف الجبهة الداخلية بسبب الإنهيارات في جسم السلطنة التي أحدثها شيوخ وأمراء كيانات التبعية والحماية، الذين إنفصلوا عنها ليلعبوا دور الطابور الخامس، بعد أن ربطت مشيخياتهم وإماراتهم بإتفاقيات تبعية وحماية مع المستعمر. حيث جرى كل ذلك بالتوازي مع الدور الذي لعبته الأحزاب القومية التي أطلقتها المدارس والكليات الإستشراقية المطالبة بإستقلال القسم العربي من الخلافة، والمتحالفة ايضا مع الاستعمار المنادي حينها بالحرية لهذه الشعوب! لذلك كان السلطان عبد الحميد يعلم جيداً، بأنه سيواجه هذا الطغيان وحيداً في معركة غير متكافأة ومحسومة النتائج.

 

لكنه كان يدرك أكثر حجم المأساة التي ستقع على أهل فلسطين وعلى كل السلطنة التي كانت تمثل الخلافة الإسلامية، في حال سماحه بالإستيطان اليهودي في فلسطين. وهذا ما أكد عليه في مذكراته، حيث ذكر التالي:" علينا أن نصرف النظر عن فكرة توطين المهاجرين في فلسطين، وإلا فإن اليهود إذا إستطونوا أرضاً، تملكوا كافة مقدراتها خلال وقت قصير، وبذلك نكون قد حكمنا على إخواننا في الدين بالموت المحتم. إنني أدرك أطماعهم جيداً (السلطان عبد الحميد الثاني -  مذكراتي السياسية - ص - 34 - مؤسسة الرسالة - بيروت). ولعل كان أخطر تلك الإنهيارات، هو سلخ الجزأ المصري عن جسم السلطنة، بما تمثل مصر من درع واقي وحامي للقسم العربي من السلطنة، بل من الناحية الإستراتيجية درع حام لكل السلطنة من البوابة الجنوبية. حيث مثل هذا الجزأ المبتور رأس الحربة في المشروع (التوراتي) للإنقضاض على السلطنة والسيطرة على فلسطين. وعلى ذلك يمكن أن ندرك حقيقة الترابط الذي جمع بين جمعية تركيا الفتاة التي قادت الإنقلاب اليهودي ضد السلطان عبد الحميد، وبين مصر الفتاة التي أطلقت ثورة عرابي جالبة الإستعمار البريطاني إلى أرض مصر. حيث لعبت المحافل الماسونية التي أصبح أحد أعمدتها جمال الدين الأفغاني الدور الأساس في توجيه وقيادة هذه الثورة. وفي هذا الصدد كتب المحلل السياسي روبرت دريفوس في كتابه (رهينة الخميني) أن طوال أربعين عاما كموظف في المخابرات البريطانية، كان جمال الدين الافغاني يسترشد بإثنين من المتخصصين بالشؤون الإسلامية والتنظيمات الدينية، هما ويلفرد سكاون بلانت، وإيدوارد أ.ج. براون(Dreyfuss، Hostage to Khomeini. p. 118). وسنكتشف لاحقا أن إيدوارد براون ومساعده عبدالله فيلبي (جون فيلبي) هما من أشرفا على تشكيل الكيانات التي ظهرت في الخليج العربي وخصوصا المملكة العربية السعودية والكويت، وهما من دعما العائلات التي أظهرت كل الولاء للمشروع (التوراتي). بينما ويلفرد بلانت كان المسؤول المباشر في المخابرات البريطانية عن قيادة وتوجيه العملاء في المصر تحقيقا لنفس المشروع. وهو من كتب بيان الثورة الأول، كما كان هو من تسلم مهمة شحن الجماهير المصرية ضد الخلافة الإسلامية، التي أدت إلى توريط الجيش المصري في مواجهات غير متوازنة ومخطط لها، ومن ثم هو من وقف خلف الخيانات التي أدت إلى كشف أجنحة الجيش المصري أمام القوات البريطانية،التي بدورها ارتكبت مذابح جماعية لهذا الجيش أدت إلى إستسلامه. الأمر الذي نجم عنه إخضاع مصر كليّا للمشروع (التوراتي). خلالها إستطاع ولفرد سكاون بلنت أن يتقمص شخصية شاعر ودبلوماسي إنكليزي، ليمضي شطرا من حياته متنقلا بين القاهرة وبغداد ودمشق، ينظم الشخصيات البارزة (النخبة) لصالح المشروع (التوراتي). وقد أكد روبرت دريفوس أن الأفغاني كان عميل بريطانيا الأول في هذا المشروع، إذ كان عضوا في الماسونية الأسكتلندية التي أناطت به مسؤولية تنظيم المحافل الفارسية ومحافل الشرق الأوسط التابعة لها(نفس المرجع ص-121) ثم أصبح رئيسها لها بحسب الوثيقة المرفقة، والتي ورد فيها الآتي:" لوج كوكب الشرق ،نمرة 1255 في القاهرة بمصر و7 جنايو 1878/5878 (الأول بحسب التقويم الميلادي، و الثاني بحسب التقويم التوراتي) إلى الأخ جمال الدين المحترم. إنه لمعلوم لديكم بأن في جلسة 28 الماضي، وبأغلبية الآراء صار إنتخابكم رئيس محترم لهذا اللوج لهذا العام، ولذا قد نهنيكم ونهني ذواتنا على هذا الحظ العظيم، وعن أمر الرئيس محترم الحالي أدعو إخوتكم للحضور يوم الجمعة القادم 11 الجاري الساعة 2 عربي بعد الغروب إلى محفل هذا اللوج، لأجل استلامكم القادوم بعد إتمام ما يجب من التكريز الاعتيادي، ثم سيصير يوم الخميس 10 الجاري الساعة 6 أفرنجي مساء تكريز رئيس محترم لوج كونكورديه، فالرجاء حضوركم في اليوم المذكور للاشتراك في الأشغال، وفي الحالتين ملابسكم تكون سوداء، ورباطة الرقبة والكفوف بيضاء، واقبلوا منا العناق الأخوي". من هذا المنطلق نستطيع أن نرى حقيقة البعد الخفي اللآخر والخطير للأفغاني وتلامذته. وخصوصا بعد أن تعرفنا على خلفيته البهائية في المقالات السابقة، الأمر الذي يسهل علينا إدراك حقيقة الترابط ووحدة الهدف بين البهائية والماسونية، والمدرسة الإستشراقية، التي إجتمعت على محاربة السلطنة العثمانية وبالتالي على تدمير الخلافة الإسلامية. كما تجعلنا ندرك فرضية البعد الثالث الخفي في ثورة عرابي التي جعلت هذه القوى مجتمعة تقف خلف إطلاق هذه الثورة. ولعل هذ التقارب بين الماسونية والبهائية في محاربة السلطنة العثمانية له أبعاده التاريخية، بحكم أن الماسونية هي إمتداد لفرسان الهيكل، والبهائية هيّ إمتداد لإخوان الصفا وللحشاشين الذين تحالفوا سابقا ضد خليفة المسلمين صلاح الدين الأيوبي. لذلك أخي القاريء لا تردد ولو للحظة واحدة في عدم قبول هذه الفرضية التي توضح أبعاد الصراع الذي مازال قائما حتى اليوم. أمام ما سبق وتم عرضه من معلومات، نستطيع القول أن الكيان المصري الذي فصل عن السلطنة، وسلم لمحمد علي وسلالته، كان رأس الحربة في المشروع (التوراتي) للسيطرة على فلسطين. وهكذا بعد أن إستلم حكم مصر إسماعيل باشا حفيد محمد علي في 18\1\1863، نجح في إقناع السلطان العثماني بزيارة مصر، للحصول منه على لقب خديوي (كلمة فارسية تعني السيد أو المليك)، ليصدر الخديوي إسماعيل فرمان بعد ذلك يقضي بتغيير نظام وراثة ولاية مصر من أكبر أبناء أسرة محمد علي، إلى أكبر أبناء الخديوي إسماعيل.وعلى ذلك حاول الخديوي إسماعيل إستمالة حكام أوروبا إلى صفه ضد السلطنة، في محاولة منه للإستقلال التام عنها، وفي سبيل ذلك كان يهدي كل من يزور مصر مسلة فرعونية، وهي التي تظهر في ميادين العواصم الأوروبية الآن. كمل فتح الخديوي إسماعيل الوظائف الحكومية العامة على مصراعيها أمام اليهود كما فعل جده محمد علي إرضاء للمرابين اليهود، ولاسيما في أقسام وأقلام الحسابات والترجمة، وبدأ اليهود في تحقيق أطماعهم في السيطرة على ذهب المصريين، تأسيا (ببني إسرائيل التوراة الذين سرقوا مع السامريّ ذهب المصريين). وكان من أوائل اليهود الذين عملوا في الوظائف الحكومية فيكتور هراري وإفرايم عاداة، الذان تدرجا حتى  غدى الأول مديرا عاما للخزانة المصرية، والثاني مراقبا بوزارة المالية. وتم الإستعانة بالمرابي  يعقوب منشه ليكون صراف باشي الخديوي، وهو الذي أسس مع يعقوب قطاوي مركزا للصرافة والتجارة، ولاقى نجاحا وشهرة حتى أنهما فتحا أفرعا لهم في بريطانيا فيما بعد. كما إنتشرت في عهد الخديوي إسماعيل المحافل الماسونية بشكل واسع، وفي ذلك يقول جرجي زيدان:" وفى عهده تأسست المحافل الماسونية الوطنية، وبحمايته تعزز شأن الجمعية الماسونية فى مصر، وإنتشرت مبادؤها حتى إنتظم فى سلكها نجله الخديوي توفيق باشا، وجماعه من امراء البلاد ووجهائها". كما نشطت المحافل الإيطالية في عهده، وأصبحت النشرات الماسونية في مصر تصدر باللغة الإيطالية، وفي تلك الأثناء تمركزت المحافل الماسونية في الإسكندرية التي وقعت تحت أيدي الماسون. ثم ظهرت المحافل الماسونية الفرنسية والانجليزية والمصرية في جميع أنحاء مصر.

 

 بعد ذلك ومباركة الخديوي إسماعيل انتقل النشاط الماسوني إلى القاهرة، وإحتل الماسونيون في عهده أعلى المناصب في البلاد، فكان رئيس الوزراء، ومعظم الوزراء والمديرون وكبار الشخصيات في مصر من الماسونيين، الذين كانوا قد إرسلوا مسبقا إلى فرنسا لتلقي العلوم المختلفة، وعادوا منها بعد أن تلقفتهم المحافل الماسونية الفرنسية، وخصوصا ضعاف النفوس منهم. وقام الخديوي إسماعيل بمنح جميع الماسونيين منهم ألقاب (باشا و بك و أفندي) دون غيرهم من المواطنين، وكأنه فرض بذلك عرفا (تعمم بعد ذلك على معظم رجالات الإقتصاد وأصحاب الثروة في الوطن العرب)، بأن هذه الألقاب التفخيمية لا يحصل عليها إلا كل من إنتسب للمحافل الماسونية. وكان من بين هؤلاء الماسونيين الأمير عبدالحليم شقيق الخديوي إسماعيل. وهكذا ركز الماسونيون إهتمامهم بالأمير حليم نظرا لحماسه الشديد للنشاط الماسوني في مصر. وتم إختياره استاذا كبيرا لمحفل الشرق الأكبر الماسوني المصري عام 1867 بعد حصوله على المرتبة الثالثة والثلاثون. وتحول قصره في شبرا إلي محفل ماسوني، حضره في حفل تنصيبه ولي عهد برطانيا. كما إختار الأمير عبد الحليم معظم أعوانه وكان معظمهم من الماسونيين الإيطاليين والفرنسييين واليهود، و خصوصا يعقوب صنوع وحسن موسى العقاد أحد كبار تجار القاهرة. وبعد أن سيطر الطابور الخامس على مصر من خلال (رجالات النخبة) فيها، وضع المرابون اليهود خطة تقضي بإفتعال ثورة وطنية ضد حكم الخديوي توفيق، تستطيع أن تعبأ الشارع المصري ضد الخديوي الذي مازال يمثل السلطنة العثانية لو إسميا، وتوجيه أصابع الإتهام إلى هذه السلطنة، وكأنها هي المسؤولة الوحيدة عن كل المظالم التي لحقت بالشعب المصري (وكأن المصاريف الجنونية التي صرفها الخديوي إسماعيل على حفلاته المجونية لم تكن هيّ السبب)، خلال ذلك تنبري الصحف التي كانت تدار من قبل المرابين اليهود، لإبراز أن نظام الحكم بالشريعة الإسلامية التي تستخدمه السلطنة هو من يقف وراء كل النكبات التي ألمت بالشعب المصري، ليستغل فرصة ذلك دعاة الإصلاح من أمثال جمال الدين الأفغاني وتلامذته للمناداة بتحديث علوم الدين، والإنسلاخ عن السلطنة التي كانت تمثل الخلافة. الأمر الذي يؤدي بإستفراد هذه المجموعة بأهم صرح ديني وهو الأزهر الشريف، المناط به تخريج العلماء الذين يحملون فلسفة الأفغاني إلى كل الأمة الإسلامية فيما بعد. وكون أن إسماعيل باشا باع اسهم مصر في قناة السويس للبريطانيين (صفقة عائلة روتشيلد التي تحدثنا عنها سابقا) لتصبح قناة السويس ملكا مشتركا للإستعمار البريطاني والفرنسي. الأمر الذي يعطي مبررا لهذه الدول وخصوصا بريطانيا في التدخل بشؤون مصر وإحتلالها،  بحجة حماية مصالح مملكة التاج البريطاني ومواطنيها، وهذا ما حصل بالفعل بعد قيام ثورة عرابي. وبعد أن قاد هذه الثورة تلامذة جمال الدين الأفغاني، وأعضاء المحافل الماسونية المصرية، وضباط المخابرات البريطانية والفرنسية. لنصل إلى نتيجة أن هذه الثورة بالرغم أنها كانت حاجة ملحة للشعب المصري للتحرر من مجموعة القيود المركبة التي وضعت على رقابه من قبل المرابين اليهود، كانت كذلك حاجة أكبر (للتوراتيين) الذين خططوا للسيطرة على فلسطين، من خلال سيطرتهم على النخبة السياسية والدينية المصرية التي ستقود عنفوان الشعب المصري والعربي في إتجاه التحالف معها، للقضاء على السلطنة والسيطرة على فلسطين. وهكذا نستطيع القول أن بريطانيا وفرنسا وقفتا معا خلف ثورة أحمد عرابي لمصلحة الإستعمار البريطاني. ولعل ذلك يتنافى مع منطق تصارع المصالح الإستعمارية في منطوقها العام، لكن لو نظرنا إلى ذلك من منطق القوة الخفية التي مثلت البعد الثالث والخفي في كل الصراعات، والتي وقفت خلف كل المآسي التي ألمت في كل شعوب العالم.

 

 نستطيع أن ندرك الخلفية الحقيقية التي دفعت بالإستعمار الفرنسي من دعم الإستعمار البريطاني لكيّ يسيطر على مصر. لأن الإستعمار البريطاني(قبائل بني إسرائيل الروح) هو المناط به نقل مدعي بني إسرائيل الدم الى فلسطين. وقد أكد حقيقة هذا الدعم الإستعماري أحمد عرابي في كتابه كشف الأسرار، حيث يقول:" ولما إستلمت منصبي الجديد كثر توارد المتظلمين عليّ من أرجاء البلاد .. في تلك المدة حضر إلى منزلي الرجل المتفاني في حب الحق والعدل والحرية، محب الشرقيين عمومًا والمصريين خصوصًا، المستر ولفرن سكاون بلانت، وكان معه صاحبه العلامة القس الصابرنجي، صاحب جرنال النحلة، وعرض علي قبول صداقته لي فقبلت منه ذلك، فمد يده إلي ومددت يدي إليه، وتصافحنا وتعاقدنا على الصداقة والإخلاص ... وكنت أظن أننا بواسطته وبفخامة مركزه في قومه، وشدة غيرته على الحرية نتمكن من تذليل الصعوبات، التي يلقيها قناصل الإنجليز في طريق حريتنا ونجاح بلادنا بدعوى الإنسانية والعدل والإنصاف بين الأمم والشعوب... وكذلك حضر لزيارتنا كاتم أسرار ملكة الإنجليز محب الحرية السير وليم جريجري الرجل الإرلندي الذي كان قد تولى حكومة جزيرة سيلان مرتين إجابة لرغبة أهل تلك البلاد". كل ذلك يظهر الخلفية الحقيقية التي وقفت خلف ثورة عرابي. لكن السؤال الملح الذي يجب الإجابة عليه، هل كان احمد عرابي مغررا به في هذه الثورة، أو كان جزءا من طابور الأفغاني الخامس الذي سلم مصر للإستعمار، فهذا ما سوف نجيب عليه في المقالة التالية.

--------------------انتهت.

 

باحث/مهـندس حسـني إبـراهـيم الحـايك
فلسطيني من لبنان

hosni1956@yahoo.com

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2014م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster