اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 نزعة القتل - قطط كبرى
 

الفهد

  قلة من الوحوش الكاسرة تتحدى آلة القتل هذه، فهي تتربع على عرش مملكة الحيوانات التي تسكن مناطقها، لها مناطق وحدود تدافع عنها بعنف. يكفي التأمل في عيني الأسد أو النمر أو الفهد، ليرى إنذار يحذرك من العبث بها. إذا كانت لديك غريزة البقاء، تأكد أن لديها غريزة القتل.

  القارة الأفريقية تكون اليابسة فيها مفعمة بجمال المياه الغزيرة،  أو قاحلة شديدة الجفاف. والتجوال في مراعيها الشاسعة قد يجعلك تتوقع شيئا ما كقطعان من حيوانات هانئة في المراعي. مجموعات من الغزلان أو حمار الوحش تبقي عينا على وجبات طعامها، والأخرى على مشهد قد يغير مجرى حياتها التي قد تبدو هادئة.

     كثيرا ما تثير الحيوانات البرية إعجاب وخوف البشر معا على مدى التاريخ.

     كانت الأسود نجوما حقيقية للعروض القتالية في العصور الغابرة. فكان تعطش الرومان إلى الدماء يدفعهم لمشاهدتها.

     وكانت عائلات أوروبا الملكية تحتفظ للتسلية بنمور برية كاسرة شكلت حينها رموزا للثراء والشهرة.

     كان صيد هذه الوحوش وقتلها يعتبر دليل نجاح وشجاعة، لكبار الصيادين الأوروبيين. كان الأمر ينتهي بها في التحنيط والتعليق على الجدران. ولكن يبدو أن الصياد الأوروبي قد بالغ كثيرا.

     يوجد اليوم سبعة أنواع من من القطط الكبرى وحدها الفهود غير معرضة للانقراض.

     ما زالت الحيوانات البرية تشكل محل دهشة وإعجاب. وقد وضعت القطط اليوم في الأسر لإشباع فضول الذين لا يجرئون على الخوض في البراري الأفريقية أو أدغال آسيا، بل ومن أجل بقاء القطط على قيد الحياة.

    تغيرت حدائق الحيوانات كثيرا خلال السنوات الخمسين الماضية، وأهم ما يمكن تقديمه لهذه الحيوانات هو البيئة المناسبة وكثير من  الوفرة، لذا يمكن القول أنه يوجد  في هذه الحديقة حيوانات سعيدة جدا، فهي مدللة جدا وتنعم برعاية كبيرة. حتى أن الأسود والنمور ستعيش في هذا المكان  لفترة أطول بعشر سنوات مما اعتادت عليه في البراري.      

    سواء كانت حرة أو مولودة في الأسر ما زالت تعتبر حيوانات قوية خطيرة.

    قد تبدو النمور والكوجر للبعض قططا أليفة، ولكن رغم نشأتها في الأسر لا يمكن التأكد بالكامل من ردة فعلها.

    تتبع إجراءات مشددة  للحفاظ على أقصى قدر ممكن من السلامة. يعترف بأن للنمر أنياب حادة وفكين قويين، لهذا يعتمد نظام الدعم بوقوف شخصين، فإذا واجه أحدهم مشكلة يمكن للآخر أن يساعده.

     هذا ما يضمن  أكبر سلامة ممكنة، أحيانا ما يتعرض البعض لعضة أو أخرى ولكن هذا لا يتكرر كثيرا. تتأقلم النمور أكثر مع ما لديهم من ظروف ملائمة. فهي أكثر  تآلفا مع عدد من الأشخاص.  تعتبر غالبية القصص والحكايات الشعبية أن الأسد ملك الغابة.

     ولكن مناطق سكنه ليس فيها نباتات متسلقة أو قرود. لهذا يفترض أن يعرف بملك السهول.

     هذا هو ملك الغابة.

    يعتبر النمر أكبر أفراد فصيلة القط، نمر سيبيريا هو الأكبر إذ قد يصل إلى ثلاثمائة وخمسين كيلو غرام للذكر. هذا من نمور البنغال، وهي أصغر حجما، إذ يزن هذا مائة وسبعين كيلو غرام.

     يمكن تسمية  النمر بوحش الغابة الكاسر، الاستوائية منها والمدارية. كما أنه الأكثر تأقلما مع الظروف البيئية. فهو يتغلب على الثلوج في روسيا، ومن الممكن العثور عليها في المستنقعات أو السهول، شرط الا تبتعد كثيرا عن الماء. تختلف النمور عن غيرها من القطط في أنها بارعة في السباحة.

     عام ألف وتسعمائة وثلاثة وثلاثين سجل رقم قياسي لنمر سبح مسافة خمسة أميال بين ماليزيا وجزيرة بينانغ. عام ألف وتسعمائة وثمانية وأربعين سجل أنه في منطقة كثيرة النمور من الهند، يمكن للنمر أن يسبح مسافة عشرين ميلا. لا شك أن حرارة المنطقة تجعلها محبة جدا للسباحة.

     في حديقة ثيم دريم وورد الأسترالية.

     تعتبر النمور من القطط المتوحدة التي يدافع فيها الذكر عن حدوده بعنف. كانت في الماضي تنتشر في مناطق جنوب شرق وسط آسيا، وقلة منها في الشرق الأوسط، ولم يبق منها في بداية القرن الحادي والعشرين إلا جيوب مشتتة.

   انتشرت منها أعوام ألف وتسعمائة حوالي مائة ألف نمر لم يبق منها اليوم إلا خمسة آلاف فقط. هناك ثمانية أنواع تتفرع من النمور انقرض ثلاثة منها وأصبح البقية عرضة للانقراض،وإذا استمر الحال على هذا النحو لن يبقى منها شيئا في البراري.     تعتبر النمور البنغالية الأكثر انتشارا بعد، وهي تعيش في الهند وتشك ثلثي عدد النمور في العالم. ميزة هذه النمور أنها مغطاة بأجمل رداء يتخيله البشر، وهم يقتلونها من أجله.

    يمتاز نمر موهان بشعره الأبيض وعيناه الزرقاوان شبيه بالصغار البرتقالية التي تراها هنا، لديه أربع صغار ثلاثة منها برتقالية والرابع أبيض. أي أنه ينجب مزيجا من الصغار. كان أول نمر أبيض تم أسره يعود إلى عام ألف وتسعمائة وواحد وخمسين، حين قام المهراجا ريوا بقتل نمر راشد ليعثر في اليوم التالي على صغيرها وكان نمرا أبيض هو أول نمر يعيش في الأسر وهو يحمل أيضا اسم موهان. 

   تعتبر النمور من بين القطط البرية التي اشتهرت بقتل البشر، وتحديدا في الهند.

    هناك منطقة غابات منغروف تعرف باسم سانداربان في خليج البنغال الهندي. وقد عرفت النمور هناك وأكثر من أي منطقة أخرى منذ القرن السابع عشر بأنها تأكل البشر.

    يعود ذلك بشكل أساسي إلى توسع البشر وانتشارهم في مناطق النمور، التي عادة ما تتجنب الإنسان في البراري، ولكنه يتحول إلى هدف لها حين ينافسها على مواردها الغذائية بالصيد. تتسلل النمور خلسة لصيد فريستها، وتلوذ بالغابة لتبقى في الخفاء، وتحاول الاقتراب قدر الإمكان من فريستها ثم تنطلق بسرعة تصل إلى خمسة وأربعين ميلا في الساعة، الفريسة هذه المرة هو طير الماء.

    لا يتعدى كونه لقمة سائغة لهذا النمر، ولكنه صيد ثمين.

     يبدو أن النمور والأسود تخشى قلة من الكائنات، لا ضواري لها في سلسلة الغذاء الطبيعية، ولكن هناك مخلوق واحد يهددها إلى حد يثير القلق جديا.

     تقضي حاجتنا لمزيد من الأرض على العديد من أنواع القطط. مع أن البشر يقتلون النمور والأسود منذ عدة قرون. ولكن لو انقلبت المعادلة، وكانت القطط تأكل البشر، يصبح شريرا لا بد من قتله. كيف نفعل ذلك؟

     هل يمكن لهذه الحيوانات الرد بالمثل؟ هل يستمتع ملك السهول بلحم البشر؟

     كل ما تفعله الحيوانات على سطح الأرض له صلة بالبقاء. تعيش القطط البرية حوالي خمسة عشر عاما، وهي خلال هذه الفترة تتوالد للبقاء، وهي تحتاج إلى طعام كي تتوالد.

     تعتبر القطط من كبرى آكلات اللحوم،  وهي تعتمد في غذائها على الصيد. أحيانا ما تستهلك بعض القطط أربعين رطلا من اللحوم في الوجبة الواحدة، ولكها أحيانا ما لا تأكل مجددا لعدة أيام.

     ولكن مساهمة القطط في الصيد تكمن بقوتها وبراعتها، التي تبرز في هذا الفهد وتجعل منها ضواري مدهشة.

     وهي لا تتمتع فقط بالقدرة على صيد وحوش أكبر منها حجما، بل تمتلك القوة اللازمة لنقل الجثة إلى موقع غذاء آمن.

    اتبعت استراتيجيات مختلفة في الصيد من أجل التكامل ودفع بعضها نحو التخصص، بما يمكن مزيدا من الأنواع من التعايش معا في إطار مساحة  مشتركة.

     من سوء حظ الفهد أن النمر يشم رائحة الفريسة وينطلق نحو النيل منها.

     يعتبر الفهد منافس عنيف، ولكنه يزن تسعين رطلا ما لا يوازي  نمر جائع وزنه  أربعمائة وخمسين رطلا.

     رغم التشابه في الغريزة والملامح بينهما، إلا أن تقنيات الصيد لدى القطط الكبرى متنوعة، فبعضها يعتمد التخصص، ولكن هناك أسلوبين أساسيين في الصيد.

     بعضها يفضل أسلوب التسلل فالعدو فالانقضاض.

     أما القطط المتسلقة كالفهد والكوجر فتعتمد سبلا من الاختباء ونصب الكمائن بمهارة عالية.

     تقنيات الصيد لا تعتبر دائما بسيطة، فأحيانا ما يتبع أسلوبان مختلفان في نفس النوع، والحقيقة أن قلة من الأنواع تعتمد الطريقة نفسها. فعادة ما تحدد الظروف المحيطة  الأسلوب المتبع في الصيد.

 أسلوب الأسود في الصيد يعتمد على كونها تعيش جماعات يتعاون أفرادها أثناء الصيد. فبينما يقوم بعضها بالتسلل يكمن البعض الآخر بانتظار بدء المطاردة لتشارك في إقفال دائرة الحصار والنيل من الفريسة. وإذا تأملنا بما تحب أكله من أشياء ترى أنها قادرة على صيد حيوان هائل بحجم البوفالو.    

 تتم غالبية أعمال صيد القطط الكبرى بعد الغروب، وذلك أثناء استراحة وعدم انتباه الفريسة. ولكن هذه ليست قاعدة ثابتة، ما يستدعي انتباه وحذر دائمين لدى العواشب من حيوانات اللحم الطري.

     تعتبر حاستي السمع والبصر من أهم حواس القطط في حملات الصيد.

     يمكن للقطط سماع أصوات ضمن مجال يقارب سبعين كيلوهيرتز. ما يوازي ثلاثة أضعاف قدرة الإنسان على السمع. يمكن للقط تحريك أذنيه  مائة وثمانين درجة  لتعقب الصوت والتأكد من أن الفريسة هي مصدره.

     النظر في عيون القطط ليس مدهشا فحسب، بل تتمتع بقدرة رائعة على رؤية الأشياء خصوصا في السهول الأفقية. تكفي نظرة من النمر عبر الأفق ليحدد من خلالها مكانه المناسب للصيد.

     عادة ما تصطاد القطط في الليل، لهذا تتمتع برؤية حادة في الأنوار الخافتة كغالبية الحيوانات الليلية، لهذا تحتاج إلى خمس كمية الضوء التي يحتاجها البشر لرؤية الحركة. ما يعني بالتعبير العلمي العام  أنها تستطيع التحرك بحرية عبر سدس كمية الضوء التي نحتاجها للرؤية.

     هناك منطقة خلف الشبكية في عيون الحيوانات العاملة ليلا تسمى تابيتا وهي غشاء تقزُّح لوني تعمل كمرآة تعزز كمية الضوء في خلايا مجسّات الشبكية.

     يمكنك العثور على أسود آسيوية في حديقة غابات غير الوطنية غرب الهند. قد يحالفك الحظ لأنها أقل من ثلاثمائة. ولكنك لن تجد نمورا في أفريقيا،  هذه  بلاد الأسد الأسطوري.

     تختلف الأسود عن غيرها من القطط، فهي تعيش في زمر من أربعة إلى أربعين منها.

     يمتاز ذكر هذا النوع بملامح مهيبة فهو الوحيد الذي يتمتع بعرف ذهبي مدهش، تصبح في ذروتها وهو في الخامسة من معمره. يقال أن لها استعمالين، أولا تجعله يبدو أقوى وأشد إثارة للخوف، تماما كما تفعل بعض السحالي عندما تنفخ أعناقها لجعل عدوها يتردد في الهجوم.

     يمكن لزئير الأسود أن يسمع عن بعد خمسة أميال. فهو أعلى  وأكثر الأصوات إثارة للرعب في السهول الأفريقية. يصل معدل وزنه إلى أربعمائة وخمسة وعشرين رطلا، ما يجعله في المرتبة الثانية بعد نمور آسيا.

     يبدو ذكر الأسد أنه السيد المطلق، وهذا صحيح، ولكن اللّبوءة تحتل قلب مجتمع الأسود، وتجعله متماسكا، وتقوم بغالبية أعمال الصيد، كما تعنى بالصغار.

    غالبية الإناث أقارب فهي عمات وأمهات وجدات بعضها البعض، وهذا ما يحدث  حين تولد أنثى في زمرة ما تبقى ضمنه، أما الذكور فما أن تبلغ سن العامين ونصف العام تخرج من الزمرة بعد أن يطاردها الأسد المسيطر وإلا تدور بينهما معركة حتى الموت.            

    يمكن لتغير الأسد المسيطر على الزمرة أن يسبب التوتر للإناث. لن يتمكن من التوالد إلا خلال هذه الفترة القصيرة ضمن الزمرة وهو في إطار حاجته الحيوية لآفاق جيناته قد يتخذ ما قد نعتبره إجراءات قاسية.

   تخرج الذكور بحثا عن مناطقها الخاصة، وعندما تفعل ذلك تجد أنها مجبرة على مقاتلة الأسد المسيطر هناك. وأول ما تفعله بعد فوزها بتلك المعركة بعد رحيله أو موته هو قتل جميع الصغار التي كانت تنتمي إليه. لأن هذا ما سيعيد الإناث جميعها إلى موسم التزاوج مجددا وبالتالي تحميلها جينات جديدة. 

     تبدأ خطوة الصيد الأولى مع خروج الفريسة عن القطيع.

     تصبح المطاردة بطيئة، وأنيقة، ومعلنة. يقترب القط أكثر فأكثر متسترا بالأعشاب.

     وحين يعتقد أنه اقترب من الفريسة، تبدأ المرحلة الثانية وهي الهجوم.

     لا تتم جميع الهجمات بهذه السهولة. وخصوصا في السهول المفتوحة أحيانا ما يضطر الأسد للمطاردة، وكثيرا ما تسبقه الفريسة،  ليعود إلى عرينه جائعا.

     يتطلب منح الزمرة بكاملها فرصا أفضل للبقاء، تلعب اللبوءة  في الفريق دورا لا يقتصر على تربية الصغار، بل يتعدى ذلك إلى عملية الصيد.

   من فوائد الأداء الاجتماعي  نجد سلوك الارتكاز والعناية بصغار الآخرين إلى جانب التعاون المدهش في حملات الصيد حيث تنسق الجهود فيما بينها وهي تتمتع بتقاليد اجتماعية محددة في الصيد تعبر من جيل إلى آخر لتتحول إلى ممارسات روتينية. ندرك أنها اعتمدت تقاليد من بينها صيد البشر، من بين الأشياء الموثقة مرات ثلاث من حيث اصطياد البشر،  والمتعلقة بإقامة نظام تناوب يمرر فيها الجسم من أسد إلى آخر يأخذه بعيدا. صيد الفرائس الأخرى كما يعرف بحمار الوحش، قد أثبت اتباع سلوك تعاوني، فيه أدوار محددة لمختلف أعضاء الزمرة لتأمين الفريسة.

    إلى جانب اختلاف تقنيات الصيد لدى القطط نجد أن تقنيات القتل تختلف أيضا بين الأنواع، وهي تعتمد على حجم وجبة الغداء. غالبا ما تكون الفريسة أكبر حجما من جسم القط. غالبا ما يتم اللجوء إلى عضة العنق.

     قد لا تلزم أنياب اللبوءة الطويلة لتمزيق لحم الفريسة بل لقتلها. وهي بعضة في المكان المناسب تلوي عنق الضحية وتقتله خنقا. تمسك مخالب القط الهائلة بجسم الضحية بينما تتوالى الأنياب المتخصصة القيام بواجبها. للقطط أسنان أقل من اللواحم الأخرى، لأن فك القط أقصر من أن يمنحها قضمة صلبة ساحقة.

     يعتقد بعض العلماء أنه ربما كان هناك تلف في الجزء السفلي من الجمجمة، ما يؤثر على وسط المنظومة العصبية.

     أسلوب  القطط الثاني في قتل الفريسة هو قضم مؤخرة العنق. ولكن هذا ما يتبع عادة مع الحيوانات الصغيرة أو الحيوانات التي تمارس بها على الأرض.  

     بعد قتل الفريسة ينكب القط أولا على أجزائها الخلفية، ثم ينتقل إلى أحشائها.

     عادة ما تأكل حيوانات من العواشب، فتلتهم محتويات أمعائها للحصول على ما تحتاجه من فيتامينات. كما تحصل على غالبية حاجتها من المياه عبر الطعام. مع أن القطط تشرب دائما عند توفر المياه.

      وتتقاتل زمرة من اللبوءات الآسيوية وصغار الأسود بشراسة على فريسة.

يأتي الذكر للغداء لاحقا، ويطلب حقه في الأكل أولا. عادة ما يأكل الذكر أولا، ثم تتبعه اللبوءات وأخيرا الصغار. بهذه الحالة تجبر الأنثى على الصيد مجددا من أجل صغارها. لهذا يشيدون بعدالة توزيع الأسود.

     صحيح أن الأسد هو ملك السهول  الأوحد، لكن صغار الأسود قد تتحول إلى فريسة. ينفصل بعض الصغار عن الزمرة، فتصرف قطيع من الثيران بغريزة الرد بالمثل حين شم رائحة الشبل، فهاجمه.

     عض الشبل أنف الثور في تحد أخير حتى الموت، فجلب لنفسه الضربة القاضية. يعتبر هذا نموذج  لغريزة القتل.

     حصل أشهر وأكثر الحالات غموضا في  أكل الأسود للبشر قبل أكثر من مائة عام. أثارت مأساة تسافو في كينيا عدة تساؤلات ما زالت مطروحة بعد. هذه القصة التالية للقطط الكبرى.

     حدث ذلك عام ألف وثمانمائة وثمانية وتسعين، حين شيدت خطوط السكك الحديدية بين مومباسا وأوغاندا. أرادوا بناء جسر في تسافو أشرف عليه الضابط المهندس جون باترسون.  

     جيء بألف رجل غالبيتهم  من الهند  كانوا ينامون في خيم مفتوحة في سهول كينيا.

    بعد قليل من وصول بيتيرسون إلى تسافو عام ألف وثمانمائة وثمانية وتسعين، بدأ بعض العمال المحليين والهنود يختفون من موقع العمل. وسرعان ما ساد اعتقاد بأن الأسود كانت تأكل البشر.

     تقول الإحصاءات أنه خلال ثمانية أشهر أن الأسود أكلت حوالي عشرين عامل هندي وغيرهم من العمال المحليين الذين بلغ تعدادهم بالإجماع مائة شخص.   

    يعتقد البعض أن هذه الأسود تجسد الشر على الأرض، وكادت تفقد الصواب من شدة الخوف. كما ساد خطأ بأن الأسود تأخذ الشبان في رحلة ترفيهية وليس لأكلهم.

     ولكن هناك تحول غريب في قصة تسسابو.

     عام ألف وتسعمائة وأربعة عشر كتب أندرسون عن تجربته الأفريقية يقول:

    دخلت إلى مغارة مخيفة يبدو أنها كانت عميقة جدا تحت الصخور. وقد فوجئت جدا للعثور عند باب المغارة وداخلها على عظام بشرية وبعض الخلاخل النحاسية التي يستعملها السكان المحليين أحيانا. ليس هناك أدنى شك في أنه وكر لأكلة البشر.

   تعقب جون باترسون الأسدين وقتلهما، ليضع الجلد والجمجمة في متحف شيكاغو حيث ما يزالان حتى اليوم.

     هل كانت أسود تسافو مخلوقات شريرة تحب لحم البشر؟ أم أنها كانت تحاول البقاء على قيد الحياة؟ ما الذي جعلها أسود مختلفة؟

   يعرف أيضا أن سكك الحديد شيدت إلى جانب طريق سواحيلي التجارية لتعبر النهر في الموقع ذاته. كانوا يستريحون في ذلك الموقع منذ عدة قرون، ما جعل منه موقع صيد روتيني للأسود.  

   الشيق في آكلي البشر هو اعتقاد الناس بأنه أصبح جزء من الماضي والقرني التاسع عشر أو العشرين ربما، مع أنه ما زال يعتبر مشكلة جدية في زامبيا، عام ألف وتسعمائة وواحد وتسعين، قتل مواطن من شيكاغو أسدا نراه اليوم في مبنى اسمه آكل بشر مفووي، وهو أسد قتل ستة أشخاص قبل أن يقتل بعد ان بلغ من الجرأة حد التجول في القرية، وهو يحمل كيس ملابس كان مع أحد الضحايا. نعتقد أن هذا جزء من الثقافة والتقاليد، وأن البشر مجرد نوع آخر على سطح الأرض، لدينا أدلة عبر الأحافير أن البشر كانوا ضحايا للأسود والفهود طوال عدة ملايين من السنين، والحقيقة أن كل ما نعرفه عن تطور البشر يأتي من طبقات الفهود والضباع وما شابه.

     يحمل أسد الجبل الأمريكي اسمه تقديرا للتشابه بينه وبين القط الأفريقي الهائل. أسد الجبل هو قط أصغر بكثير، قد لا يتجاوز وزن جسمه نصف أو ثلث الأسد الأفريقي. يختلف لون الفروة وفق بيئته المحيطة. يتمتع هذا الحيوان بقدرة عالية على التأقلم،إلى حد يتفوق فيه على النمر.

     يبدو أنه  تأقلم على مختلف الظروف المناخية المنتشرة بين كندا وأقصى نقطة في جنوب القارة، هذا ما قد يفسر أيضا سبب تتويجه بعدة أسماء.

     سواء لقب أسد الجبل الأمريكي أو الفهد أو الكوجر، أو النمر، لا بأس فهو القط نفسه.

     اختفى الكوجر كليا من سلسلة الجبال الشرقية في أمريكا الشمالية على مدار مائتي عام من الاستيطان الأوروبي في هذه القارة، ولم يبق اليوم على قيد الحياة  إلا نوعين مشابهين من الكوجر الشرقي ونمر فلوريدا، وهما عرضة لخطر الانقراض.

     رغم طباعه الخجولة والمراوغة إلا أنه يعيش حياة العزلة، ويتجنب أي صلة بأشياء لا تتعلق بالغذاء أو التزاوج.

     يحتل الكوجر قمة سلسلة الغذاء السليمة ليحافظ على توازن لدى المخلوقات البرية.

     عندما تتشابك مناطقنا  ينقض الكوجر على المواشي والحيوانات الأليفة. يمكن أن تتخيل كم يقلق هذا السكان المقيمين هناك.

   النمر الذي يعرف أيضا باسم الكوجر أو أسد الجبل، كان يقتل الحيوانات الأليفة في الماضي حين يدخل إلى مزارع الفلاحين وينال من أحد المواشي ويسبب الإزعاج للجميع.

   يعتبر الكوجر من كبار الضواري وهو يعمل تحت جنح الظلام قبيل الفجر وبعد الغروب. فهو كبقية القطط ليس معروفا بخروجه للصيد في وضح النار.

     يطارد الكوجر فريسة خلسة ومن خلف ستار لضمان عنصر المفاجأة. لينقض حال اقترابه من الفريسة. يتمتع هذا القط بمهارة فريدة في العدو.

     بما أن الكوجر متسلق بارع، قادر على دفع جسمه إلى الأمام في هجومه الصاعق، أحيانا ما يقوم بهجوم من أعلى.

     قد يكون الكوجر خصم لدود، ولكنه لا يتمتع بالتفوق المثالي للأسد الأفريقي.

     طورت هذه القطط حاسة البصر لديها مقابل حاسة الشم.  لهذا تتسلق التلال وتراقب المنطقة بحثا عن فريستها. عادة ما تسيطر على مساحات شاسعة تتراوح بين ستة عشر وخمسة وثمانين ميل مربع. وعندما يتوفر الطعام أحيانا ما يفضل الكوجر اللعب قبل الصيد.

   عادة ما تحب صيد الحيوانات الصغير كالغزلان  والقوارض والأرانب وحتى الرّاكون.  وهي تتمتع بأمعاء متمددة، ما يمكنها من الالتهام حتى التخمة بما يقارب الثلاثين كيلو غراما من اللحوم في جلسة واحدة. 

    هذا هو سبب نجاح الكوغر على أنواعه، فهو صياد انتهازي، وهو عديم التطلب حين يتعلق الأمر في بقائه.

   قد لا تحب مواجهة البشر نهائيا فهي من القطط المراوغة التي تفضل الفرار على مواجهة أحد. يعتقد أن المشكلة في مهاجمة البعض لها في أمريكا  هو أن عدد من القطط المنتشرة في البراري كانت في الماضي حيوانات أليفة أطلق سراحها حين أصبح التعامل معها صعبا، فهي معانقة لطيفة في الصغر، حين كانت من صغار النمور، المرقطة زرقاء العينين لها حضور رائع. ولكنها تنمو بسرعة هائلة، ولا يمكن ترويض حيوان كهذا ولد بريا في طبيعته.

   وقع خلال المائة عام الماضية ثلاثة عشر هجوم قاتل من قبل الكوجر في أمريكا الشمالية. قد يبدو هذا الرقم صغيرا، ولكنه دليل على أن هذا القط الصغير نسبيا جدي فعلا، ومجهز للبقاء على قيد الحياة.    

في سهول سيرينيغيتي الشاسعة تسكون النمور الكبرى جنبا إلى جنب مع قط من نوع آخر، يعرف لدى الجميع باسم الفهد.

تعتبر الفهود من أقدم الأنواع وهي أصغر القطط الكبرى، كما أنه أسرع حيوانات الأرض، فهو يتفوق على جميع السيارات الرياضية من حيث السرعة في الانطلاق.

 يمكن للفهد البالغ أن يحقق سرعة سبعين ميلا في الساعة بأقل من ثوان ثلاث فقط. ولكنه على خلاف  السيارات الرياضية يمكنه الحفاظ على سرعته الكاملة لمسافات قصيرة لا تتعدى أربعمائة يارد.

  يمكن للقط الأفريقي أن يختصر ملامح التحديات، أما في مقاييس القطط الكبرى فهو يعتبر متواضعا، ويلوذ بالفرار حين يجد نفسه في مواجهة غير متكافئة.

 لا يتم التخلي بسهولة عن فريسة تشاهد من نقطة عالية، وإذا كانت من أطعمة الفهود المفضلة، وهي نوع من غزلان هذه المنطقة، فهي لا تستطيع الفرار من أسرع حيوانات الأربع في العالم.

     هناك مسألتين فريدتين لدى الفهود، أولا أنها أسرع الحيوانات على وجه الأرض، وثانيا أنها العضو الوحيد في فصيلة القطط التي لا تسحب مخالبها بل تبقيها بارزة كمخالب الكلاب. هذا ما يمكنها طبعا من العدو بسرعة هائلة قد تقارب مائة كيلومتر في الساعة. أي أنها لا تصطاد على طريقة الأسود، أي أنها لا تطارد الفريسة، بل تكتفي بالانتظار أو نصب الكمائن، ثم تستعمل سرعتها الفائقة للنيل من الفريسة. بدفع بسيط من قوائمها الخلفية تلقي الفريسة أرضا.  

    تصطاد الفهود نهارا أثناء استراحة غيرها من الضواري. تصطاد الأنثى بمفردها، وتخرج الذكور المتقاربة فيما بينها معا، وجميعا تستعمل عضة العنق أسلوبا في القتل.

     تتستر إناث الفهود بما حولها من نباتات. تحاول الاقتراب قدر الإمكان ثم تسرع نحو الضحية.

     يؤدي استهلاك الطاقة الهائلة أثناء العدو إلى تعب القط المفترس، وهو غالبا ما يتوقف للاستراحة واستعادة قوته.

     أحيانا من تنتهز الكواسح فرصة  التقاط الفهد أنفاسه للاستيلاء على جزء من ثمرة عمله. وكثيرا ما تجبر القطة الوضيعة على التخلي عن فريستها.

     وهي أحيانا ما تسحب الفريسة إلى مكان آمن لضمان تناول وجبتها بسلام.

     يختلف أسلوب الحياة لدى أنثى الفهد كليا عن الذكر، فهي تسكن وحدها لحماية الصغار، ليس لها حدود تحميها وكثيرا ما تتداخل مناطقها مع تلك الخاصة بغيرها من الإناث. أما الذكور فيختلفون تماما.

     تكمن أسهل طريقة للتمييز الفهود عن النمور بعلامات الدموع على وجهها. كما أنها أكثر انسيابا من غيرها، كما تشي بها انحناءات عمودها الفقري، كما أن الفهود لا تزأر، بل تصفر كالطيور.

     رغم عناية الأم الفائقة بصغارها، إلا أن الفهد يعرف بعدوانيته البالغة، ولكنها نادرا ما تهاجم البشر.

     تعرضت فهود البراري  للانقراض خارج أفريقيا. وقد كانت في الماضي تنتشر بين الهند والشرق الأوسط وصولا إلى القارة الأفريقية. وهي تنتشر اليوم في سهول وبطاح شرق ووسط أفريقيا.

     بعد قليل وإذا تخلى الأسد عن روب سيحدثنا بكلمات أخيرة عن مستقبل القطط الكبرى.

     تمتاز الأسود بالقوة والعدوانية حين يتعلق الأمر ببقائها على يد الحياة. ولكنها جميلة. حتى أن جمالها في الواقع جعلها تصبح فريسة في كثير من الأحيان.

     يساوي جلد الأسد في بعض البلدان أجر ستة أشهر من العمل. ما يشكل حافزا كبيرا لقتلها.

    تقع الحيوانات ضحية نجاحها فالنمور مثلا بأنماط خطوطها تسبح جذابة للبشر الذين يتسللون إلى الغابات التي تسكنها في آسيا.

   تغير مفهوم حديقة الحيوانات في السنوات القليلة الماضي حيث أصبحت ظروفها أكثر ملاءمة للحيوانات والزوار أيضا، للتمكن من التعرف عن قرب على حيوانات هائلة كالنمور.

     إذا فكرنا مليا باستنزاف الظروف البيئية الخاصة بالنمور  مثلا سنجد أنها ستنقرض بعد خمسة عشر عاما. ولم يعد هناك نماذج من تلك التي انقرضت حتى في حدائق الحيوانات ولا يمكن رؤيتها إلا في الصور. لا نريد لهذا أن يحدث لما تبقى من أنواع لهذا من الضروري جدا أن الإبقاء على برنامج التكاثر في الأسر حفاظا عليها.    

    ولكن على الأسد ملك السهول أن يحذر من الحيوانات الأخرى المنتشرة ضمن حدوده.

     يمكن للزرافة أحيانا أن تقتل الأسد. إذا ركلته على رأسه،  قوائمها الطويلة تمكنها من الركل بقوة.

     يبدو أن جميع أسباب انقراض القطط البرية على اختلافها لها صلة مباشرة بنا. لأننا نجتاح مناطقها ونستولي على طعامها.

     وهكذا بقيت  أعداد قليلة منها تنتشر في جيوب صغيرة يحاصرها البشر من جميع الجهات، ما يعرض مستقبل تكاثرها للخطر.

     هناك غرائز تسبب جروحا عميقا حين تتوجه للبشر، وتتجسد بخطيئة أكلهم. هنا يسعى الإنسان إلى الانتقام. ولكن مما ينتقم؟ فكل ما تفعله القطط هو محاولة البقاء بكل السبل  ضمن ظروفها.

     نمر الجليد هو أكثر القطط الكبرى عرضة للانقراض. وهي لا تحصل على فرص البقاء إلا في أماكن متخصصة كحديقة موغو، فقد تمكنت من التوالد لأول مرة منذ عدة عقود في أستراليا وآسيا.

     جبال آسيا الوسطى هي موطن نمور الجليد، ولكن التهديد الأساسي لبقائها في البراري يكمن بالنمو الهائل للجنس البشري. يعتقد أننا نستطيع الاستمرار في الاعتقاد بأننا نعيش زمنا تستطيع فيه حيوانات جميلة كهذه من التجوال في الأرض.

     قلة من بلدان القرن الحادي والعشرين تستطيع الادعاء بأن لديها قطط كبرى تجول بحرية في بيئة طبيعية.  كثيرا ما يعبس محبي الحيوانات الحقيقيين في حدائق الحيوانات، ولكن دور هذه الحدائق قد تغير كثيرا. 

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster