اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 عالم البيئة 31 غابة الممَا
 

غابات البرازيل

غطت ولاية ألاغوش شمال شرقي البرازيل في الماضي غابات الأطلسي الكثيفة الخضراء التي امتدت من الشاطئ إلى حوض الأمازون.

استوطن في تلك الغابة هنود الشكورو الذين ما زالوا حتى اليوم يقدسون إله الغابة ريكي كوليا. تعتقد عشائر الشكورو أن روح الإنسان ستعاود العيش داخل الشجر بعد فترة مؤقتة من التقمص في جسم بشري.

بدأت إزالة الأحراش  شمال البرازيل وتحديدا في ولاية ألاغوش منها طوال القرن السابع عشر، وذلك بدافع من واقعين اقتصاديين حديثين.

كان ملاك الأراضي من جهة يحتاجون إلى مزيد من المراعي لإطعام المواشي، بينما بدأ حينها ازدهار زراعة قصب السكر لما تعود عليه من أرباح، على طول الشواطئ الأطلسية للبرازيل، وذلك بفضل نظام العبودية لسائد حينها.

يمكن أن نرى نتيجة ذلك بوضوح تام اليوم عبر أشكال من الدمار المتنوع للثروات البيولوجية، وحالة الجفاف التام وبالتالي التراجع الاقتصادي والاجتماعي.

يعتبر الشمال الشرقي أفقر منطقة في البرازيل، إذ يعاني ثمانون بالمائة من الأطفال فيها من سوء التغذية، كما أن معدل الوفيات بين الأطفال هناك يوازي ضعف المعدل العام في باقي أرجاء البلاد.

والأسوأ من ذلك هو إحصاء جرى في ألاغوش التي اشتهرت في الماضي بكونها جنة للمياه، يؤكد بأن اثنان بالمائة فقط من السكان هناك يدركون بأن المياه الثمينة لديهم تأتي من غابة صغيرة تسمى بيدرا تالادا، أي الصخرة المشروحة.

جاءت عالمة الطيور السويسرية أنيتا ستودر لأول مرة إلى البرازيل قبل عشرون عاما لدراسة الطيور فيها. لم تتخيل يوما كعالمة أنها ستحقق النجاح عبر التزامها بالبشر والبيئة، وأن اختصاصها واهتمامها سيغيران الملامح الاجتماعية والاقتصادية لشمال البرازيل.

عندما جئت إلى البرازيل لأول مرة كنت أهتم بالطيور وحدها، فكرست أكثر من عشرين عاما لدراستها، ولكني بعد عشر سنوات اكتشفت طيرا جديدا على أطراف الغابة شمال شرقي البرازيل. كنت إلى جانب أستاذ علم الأحياء عندما قال بأني أدرس الطيور اليوم لأنه لن يبقى أي غابة بعد عشر سنوات، لهذا أصبت بصدمة، ولم أستطع النوم في تلك الليلة، لأني تنبهت فجأة إلى مدى خطأ  هذا التفكير. فقررت أن أفعل شيئا من أجل الغابة. وعندما استيقظت صباح اليوم التالي قلت للأستاذ بأني سوف أدرس الطيور ولكن على عكس ما قلته، لأني سأحاول  أولا أن أنقذ الغابة، لأكرس باقي حياتي بعد ذلك لدراسة الطيور.

مارسيلو ليما، محافظ كويبراغولو

بدأ كل شيء مع وصول أنيتا. ما الذي تريده تلك المرأة الغريبة؟ كانت أجنبية غريبة لقبها الكثيرون بالغرينغا المجنونة، ولكنها استطاعت اليوم بعد أربعة عشر عاما من الكفاح  أن تفتح عيون الجميع.

عندما بدأت بالدعوة لحماية الغابة والعمل في هذا المجال واجهت الكثير التحديات. تعرضت للضغوط المتعددة والتهديدات المباشرة، التي ربما نجوت منها لأني امرأة. أنا صغيرة الحجم أولا وفي ذلك فائدة كبيرة لأني لأ أشكل تهديدا لذوي الأحجام الكبيرة من الرجال الذين لم يعتادوا على قتل النساء وتحديدا صغيرات الحجم على شاكلتي لأني لا أوحي بالأهمية. هناك قرية إلى جانب الغابة اسمها كويبرانغولو، فوجدت أني لا أستطيع إنقاذ الغابة دون التحدث إلى السكان هناك. حينها واجهت صدمتي الثانية، التي تكمن بأطفال الشوارع، المهملين، وظروف البؤس التي يعيشون فيها. وحينها قررت أن أفعل شيئا لأجلهم أيضا.

كانت هذه مسؤولية أخرى ألقيتها على عاتقي. ما كنت لأصدق من قبل بأن اهتمامي سيتحول من الطيور إلى الغابة ومنها إلى الأطفال، ولكنها كانت أشبه بعملية طبيعية. ما كنت لأنقذ الغابة دون أن أفعل شيئا من أجل القرويين. وهكذا بدأت ببناء ورشة عمل لهؤلاء الأطفال، والقيام بمشاريع تربوية متنوعة. ساهمت ببعض المساعدات الاجتماعية المتواضعة، ولكن أكثر ما كانوا يحتاجونه هو التعليم.

تقع كويبرانغولو إلى الشمال الشرقي من البرازيل، وسط منطقة جافة لا تتمتع بأراض زراعية غنية. حتى أنها لا تملك الكثير من الثروات الطبيعية للبشر. يغادر  الشبان القرية لأن ثمانين بالمائة من الأراضي الزراعية فيها هي ملك لثلاث عائلات، أما الباقي فموزع على عشرة آلاف شخص، ما يدفع الكثير من الشبان للتوجه إلى ساو باولو. بما أن القروي أمي وغير معتاد على المدن الكبيرة، لا يعثر على عمل وينتهي به الحال في الأحياء الفقيرة للمدينة. وهنا لدينا الجيل الثاني، أطفال الشوارع. من الطبيعي أن يلجأ الأطفال للتسول في الشوارع إذا عجز الآباء عن تأمين الطعام لهم.

هذه واحدة من أولى المشاريع التي قمت بها عام سبعة وثمانين. عندما خرجت من الغابة في أحد الأيام وجدت الكثير من الأطفال يلعبون في هذا الحقل. كان هناك ثلاثة بيوت ولم تكن هذه مدرسة بل مجرد أطلال. فذهبت للتحدث مع محافظ القرية، فكانت تلك من خطواتي الأولى. حصلت على صداقته بسهولة كبيرة ربما لأني عثرت على متبرع سريع في سويسرا، وهو محام وقع شيكا فشيدت المدرسة في العام نفسه. من دواعي السرور أن نرى بأن المدرسة تسير على ما يرام. فهي تضم خمسة وعشرون طفلا في الصباح وخمسة وعشرون بعد الظهر، كما أنها تقدم دروسا لمحو الأمية في الليل.

 يسألني البعض كيف يمكن لهذا أن يحدث؟ كيف لك أن تعملي في الشؤون الاجتماعية والمشاريع البيئية في آن معا؟ والحقيقة أني لا أرى ما يجعلنا نعزل شيئا عن الآخر، فعلى الإنسان أن يعيش في بيئة ملائمة. إذا قمت ببناء بعض المشاريع التربوية والاجتماعية، يجب ان أربطهما بالغابة بطريقة ما. وهكذا سرعان ما وردت ببالي فكرة مشروع آخر يربط ويوفق بين الإنسان والغابة. الجميع يعرف بأن غابة الأطلسي قد دمرت بنسبة تسع وتسعين بالمائة، ولم يبق منها إلا واحد بالمائة، وهي منطقة لا تتعدة سبعة كيلومترات مربعة. أي بطول سبعة كيلومترات وعرض مشابه لإعطاء فكرة محددة، أي أنها غابة صغيرة بالمقارنة مع أراض شاسعة كشمال شرق البرازيل. وهي مصدر مياه الشرب لثلاثمائة ألف شخص، وهي الشاهد الأخير على ثروات نباتية وحيوانية ستنقرض كليا إذا ما أبيدت الغابة كليا.

تعتبر غابة الأطلسي من غابات المطر التي غطت أربعة آلاف كيلومتر من شواطئ البرازيل. لم يبق منها اليوم إلا ذكرى صغيرة إن لم نفعل شيئا لأجلها ستباد كليا. يبدو أن الإنسان هنا لا يحب الغابات، لأنه يفضل الربح المباشر، لهذا قام بتدمير المزيد والمزيد من  الغابات لتوسيع مساحات قصب السكر أو لزيادة حجم المراعي للأبقار.

أنيتا شخصية رائعة لديها الكثير من المبادرات البيئية والبشرية، أدى حماسها المعدي إلى حدوث تغييرات هامة في سياسة ولايتنا، جعلتها تحوز على إعجاب واسع النطاق.

أنشئت بلدة كويبرانغولو الصغيرة في القرن السابع عشر على يد حفنة من الأفارقة العبيد الذين فروا من ظروف العيش الغير إنسانية في مزارع السكر،  ما زال سكانها فقراء جدا حتى اليوم  يركزون جل اهتمامهم اليومي على تأمين الوجبة التالية. ولكن حفنة الملاكين هناك لم يتأثروا بعد بالحجج المؤيدة لحماية ما تبقى من غابة المطر. ومع ذلك، بعد سنوات من إعلان غابة بيدرا تالادا محمية بيولوجية فدرالية، توصلت الحكومة أخيرا إلى اتفاق مع الملاكين بالاستناد إلى حكم قضائي.

هوسيلينو هولاندا كافالكانتي/ ملاك

الغابة لا تعني شيئا بالنسبة لي. وليس لي أي علاقة بها. أنا لست صيادا، وأصطاد السمك. إي أنها لا تهمني. لا بأس بإعادة التحريج في أي مكان آخر، أما بالنسبة لي فهي بلا جدوى.

عام ألف وتسعمائة وأربعة وتسعين عوضت الحكومة الفدرالية على ملاك الأراضي.

تكمن مهمتنا بمنع الملاكين من الاستمرار بقطع الأشجار. لا جدوى من فرض الغرامات، علينا أن نحمي الأشجار.

أقمنا هذه الحفرة من أجل الأبحاث والدراسات الجيومورفية، وهي تشكل صورة واضحة لضعف التربة في  الغابات الاستوائية. أمامنا ثلاث طبقات. لدينا هنا الطبقة الأولى المؤلفة من التربة العلوية. ثم لدينا الطبقة الثانية وهو يتألف من التربة المركبة. ثم تليها الرمال الصخرية، مع تساقط الأشجار والجذوع والأوراق تبقى على سطح الأرض وتتلف سريعا في ظروف من الحرارة والرطوبة، لتمتصها الجذور مرة أخرى. إذا قمنا باقتلاع الأشجار وحرقها سنرى ما سيحدث. ستتولى الرياح والشمس والأمطار مسح أوراق الشجر لتعرض التربة إلأى حرارة الشمس الحارقة، لتبدأ بعدها مباشرة حالة من التصحر. وهكذا نرى السبب الذي يجعل  قطع الأشجار في المناطق الاستوائية أشد خطورة منه في المناطق الأخرى.

يعرف السكان المحليين اليوم كل شجرة بالاسم الذي يطلقونه عليها. وهم يعرفون أكثر من ثلاثمائة نوع من الأشجار والنباتات، لهذا أحتاج إلى مساعدتهم للقيام بدراستي وتوجيه النداءات لحماية لغابة.

هذا إيرمينغيلدو الذي التقيت به منذ عدة سنوات. ولد إيرمينغيلدو في الغابة وهو يعرف كل شجرة فيها. ولكنه كان صياد نشط لأنه تعلم الصيد منذ الصغر على يد والده. ثم بدأ يخرج معي حين أصبح يعمل دليلا، فهو أكثر الناس معرفة في الغابة، ولم يعد يجد الوقت لصيد وشيئا فشيئا أخذى يتولى حماية الغابة. إنه يخرج مع الشرطة كدليل لها أيضا. لقد أصبح إلى جانب  شرطة الغابة من حماتها عن قناعة.

لقد خلق الله الغابة والأنهر والأسماك. نشعر بوجوده بين الأشجار. الغابة هي مصدر الحياة، التي قد نموت بدونها، ولن نموت وحدنا بل جميع الناس. سوف تتزايد الرياح الموسمية العاصفة إذا تحطمت الغابة.

مشروع إعادة التحريج إيجابي جدا، فهو مصدر عمل لسكان القرى، كما يعزز من وعيهم بأهمية الغابة في الوقت نفسه، لأن زراعة الأشجار مسألة بعيدة المدى. تكمن الفكرة في مصالحة الإنسان مع الغابة، وأعتقد أننا بدأنا نحقق ذلك. تجري اليوم زراعة أربعين ألف شجرة، جميعها من الأشجار المحلية. جمعت البذور من غابة بيدرا تالادا، وجدنا صعوبة كبيرة في تعلم تقنيات زراعة هذه الأشجار، إذ لم يكن لدينا نماذج. لم يسبق لأحد في جميع أرجاء المنطقة الشمالية الشرقية أن عمل في إعادة تحريج الغابة المحلية. لقد تمكنا اليوم من تنمية خمسة عشر نوعا.

علينا أن نكافح لحماية الثروات التي ما كنا نعرف أننا نملكها.

كثيرا ما يسألني البعض إلى أين أريد الذهاب؟ ما هو هدفي؟ فأجيب أننا سوف نزرع شجرة بعد أخرى حتى نصل إلى الأمازون التي انطلقت منها الغابات الأولى.

بعد سنوات من العمل الشاق، بدأ حلم أنيتا يتحول إلى حقيقة. بالإرادة الصلبة وإحساس فطري بالأمومة وبرؤية شعرية وتاريخية للحياة، تمكنت هذه المرأة الصغيرة من مصالحة البيئة مع المجتمع والإنسان مع الغابة.

تترنح أشجار سنواتي وتميل نحو الموت، وتنمو بحرقة من رأسي بالثمر والجذور، وبالأيدي وبعزلة النسر وتأمل الحيوانات. تشتعل أضواء زحل في عين الضفدع الأخضر، بينما تزهر المذنبات في الحقول.

 

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster