اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 الفكر القومي السيَاسي عند جبران
 

جبران خليل جبران (1883 - 1931)

 

 

د.نعيم اليافي

 

الحديث عن الفكر القومي السياسي عند جبران خلافي، لأنه يثير قضايا تتعدد فيها وجهات النظر، وقد رأيت أن أكثف خطوط الموضوع العامة بشكل علمي مرتين: مرة على مستوى المنهج الذي آثرت أن يكون وصفياً دون حكم قيمة معياري ومرة على مستوى العرض والتحليل الذي جهدت في أن يكون أقرب إلى المقولات المركزة، ويوم يتاح للقضية المطروحة أن ترخى فيها قبضة الإيجاز يمكن أن نفرع عنها تفصيلات نحن في غنى عنها الآن.‏

 

سأطرق موضوعي تحت العناوين الآتية:‏

 

1 ـ محددات أولية.‏

 

2 ـ مؤثرات عامة.‏

 

3 ـ عناصر الفكر القومي وملامحه.‏

 

4 ـ مقارنات.‏

 

أولاً ـ محددات أولية:‏

 

لا يستطيع الدارس أن يتناول الموضوع دون النظر ملياً إلى المحددات الأولية الأربعة التي تنسج له أبعاده ومراميه.‏

 

آ ـ المفهومات المستعملة:‏

 

ترد في أطروحات جبران عن الفكر القومي مصطلحات من مثل القومية والأمة والشخصية السورية و الوطن والعرب واللغة....الخ، ولا تشير كمفهومات جملة وتفصيلاً إلى ما نريد بها اليوم في مجال الظاهرة القومية، وسأقرؤها قراءة تداولية وفق ما عنى بها صاحبها.‏

 

ب ـ الإطار الزماني:‏

 

تناول جبران الفكر القومي السياسي بعناصره المختلفة في فترة محددة بينّة تعكس تاريخ تطوره الفكري والسياسي معاً، هي الفترة المحددة مابين عام 1908 وعام 1919، وإذا مددناه فإلى /20/ عام تأسيس الرابطة القلمية وكان جبران خلال هذه الفترة يعيش ما بين باريس وبوسطن ونيويورك، وإذا كانت السنة الأولى 1908 تشير إلى تاريخ إذعان السلطان عبد الحميد للانقلابيين قبل خلعه عن السلطة فإن السنة الثانية تشير إلى بداية الانتداب الفرنسي على سورية بقطريها وكلتا الإشارتين لها مغزاها العميق والدقيق.‏

 

ج ـ الصيغة:‏

 

جبران ابن المرحلة الرومانسية وممثلها النموذج في سياقها العربي من دون منازع، والرومانسية كفلسفة تتكئ في مختلف تجلياتها على بعدين يضيق بينهما أفق القومية حتى لا يكاد يبين. أولهما البعد الفردي الذي يلغي أو يحجب البعد الجماعي، وثانيهما البعد الإنساني الذي يغيِّب القضية القومية أو يلاشيها، ومع اعترافنا بأن الشخصية القومية للأمة تتفتح بالضرورة على هذين البعدين الفردي والجماعي وإلا غدت شوفينية منغلقة إلا أنها وبالضرورة ذاتها تناقضهما، وسأعود إلى هذه النقطة الهامة في نهاية البحث.‏

 

د ـ وسيلة التعبير:‏

 

كتب جبران عن الفكر القومي باللغة العربية يوم كان يكتب بها، وحين تحول إلى الكتابة عن فكره بالإنكليزية بدءاً من عام 1923، لم يعد يتحدث عن هذا الفكر من قريب أو بعيد، وإذا كان ذلك يعني في جملة ما يعني أن العربية هي الوعاء الذي صب فيه جبران فكره القومي فإنه يعني أيضاً أن الكتابة بغير العربية جعلته يعالج موضوعات إنسانية أعم وأشمل ويتوجه إلى جمهور لا تهمه قضايا القومية المرتبطة بالزمان والمكان.‏

 

ثانياً ـ المؤثرات:‏

 

ثلاثة مؤثرات عملت على بلورة الفكر السياسي القومي عند جبران وتلامحه: واقع الوطن الأم، وواقع الغربة في الوطن الجديد وجملة التوجهات التي رادها النهضويون المسيحيون في سورية خاصة وخطوا بها أولى الكلمات عن القومية في تاريخ العرب الحديث. ودون ذلك بعض تفصيل.‏

 

كانت سورية إبان الفترة تئنُّ تحت وطأة الاستعمار العثماني وربيبه الطوراني أولاً، تكابد تمزقاً داخلياً بسبب الاقتتال الطائفي والمذهبي ثانياً، والأمران ـ الاستعمار والاقتتال ـ وجهان لعملة واحدة، فالأول يغذي الثاني، والثاني يخدم الأول بتمزيقه الأمة، وأتصور أن واقع سورية هذا يمثل دافعاً قوياً أو عاملاً مؤثراً كي ينهض الدعاة إلى رأب الصدع، ولمِّ الشمل، وتماسك الشخصية ومحاربة المستعمر الباغي، فكانت القومية سلاحاً للذود عن الوطن في وجه التحديين.‏

 

وفي نيويورك خاصة يوم سافر إليها جبران بعد باريس وبوسطن صدم الرجل بما لم يكن يتصوره يصدر عن بعض أبناء وطنه المهاجرين، سمع دعوات صارخة ومشبوهة تحض الجالية على عدم الاهتمام بالوطن، والتفكير فيه والإحساس بما يعانيه من مشكلات وأزمات وقضايا، وحث واضح على قطع الصلة به، والانصراف نحو الواقع الجديد، والغرق حتى العمق فيه، فوقف الرجل إزاء هذه الدعوات يناهضها ويسفهها، ويدعو عكسها إلى ربط مصير المغتربين بمصير الوطن الأم، فكانت أواصر القومية ومشاعرها الينبوع الذي منح منه أفانين آرائه وحججه الدامغة.‏

 

يبقى تراث النهضويين المسيحيين والإنجيليين خاصة، وأثره في هذا التوجه. فمن المعروف أن الدعوة إلى القومية بدأت أول ما بدأت مع هؤلاء في لبنان وفي سورية، لقد كانوا جميعاً يحسون بالضيم والقهر والعدوان، وفتشوا لهم عن مثابة يحمون بها أنفسهم وإخوانهم العرب المسلمين من ظلم البغي والعدوان واستلاب الاقتتال الطائفي أيضاً، فعثروا على ذلك في الرابطة القومية التي نقلوا بعض أطروحاتها عن الغرب، وطفقوا يصوغونها بما يتلاءم مع واقعهم العربي، فأنشؤوا لهم مدرسة أو شبه مدرسة امتدت من الشدياق فآل اليازجي فآل البستاني حتى أمين الريحاني يدعون قاطبة إلى قومية علمانية تتجاوز الاختلافات المذهبية، وتصهر الجميع في وشيجة واحدة، تثبت علاقتهم بالأرض، وتدفعهم إلى طلب الاستقلال، وتأسيس الكينونة المتميزة، وبلغ نشاطهم قمته في مؤتمر باريس عام1913، الذي دعي إليه جبران ليمثل طائفة القوميين في المهاجر.‏

 

هذه المؤثرات أو العوامل تصالحت كلها في الزمان كما في المكان لتجعل من جبران الكاتب والمفكر والأديب صاحب رأي في السياسة ينتمي إلى إطار القومية، فما هي عناصر هذه القومية أو ملامحها تلك التي دعا إليها ونادى بها؟..‏

 

ثالثاً ـ عناصر الفكر القومي عند جبران وملامحه:‏

 

لم يملك جبران منظومة فكرية منسقة تقوم على مجموعة من المفاهيم والمصطلحات والمحددات تشكل له رؤية فلسفية لظاهرة القومية، بقدر ما عبر عن مشاعر ومواقف إزاء أمور أ حسها، ودعا إليها تارة بالمفردات الحماسية، وأخرى بالصياغات الشعرية، ونستطيع أن نجمع هذه المشاعر والمواقف في جملة مقولات أو عناصر:‏

 

1 ـ الشخصية السورية:‏

 

ويستعمل لها جبران اسم الذات، ويرى أن الفردية منها كالجماعية في تكونها وجوهرها وطبيعتها، وقد يصعب تحديد إرهاصاتها وبداية الشعور بها والإحساس وهي لدى الجماعة تستمد نسغها من الشعب وتستقل عنه في آن، وتبقى فوق زمانه. إنها إرث علوي يتبلور في تشكل الأمة ويصبح لها وجوداً وحياة وإرادة. والشخصية السورية أو ذاتها العربية وجدت نفسها منذ ما قبل الإسلام وانتصبت به، وتربعت عرش الحضارة في العصر العباسي قبل أن تنام وتستكين للخمول.‏

 

2 ـ وحدة الحضارة:‏

 

أريد أن أفرق في فكر جبران القومي بين وحدة الثقافة أو الشخصية الثقافية للأمة، وبين التمسك بالذات كشرط من شروط القومية، لقد رفض جبران التمسك بالماضي والتقليد، ودعا عكس ذلك إلى التمرد والتحرر والانطلاق نحو الآفاق القصية، الماضي لا يهمه بقدر ما يهمه المستقبل. ومن أجل ذلك ركز في فكره على ما أ سميه بوحدة الحضارة السورية لا وحدة التاريخ، ويتجلى هذا في حديثه الدائم عن الاستقلال مرة، وتمايز الهوية أخرى، فعلى المستوى الأول رفض التبعية للعثمانيين كما للغرب في كل شيء، ودعا إلى أن نكون نحن، نأكل ما ننتج، ونلبس ما نصنع ونخيط، ولم يكتفِ بالخطب السياسية وإنما دعا إلى تأليف لجان للتحرير، ونظم جماعات من المتطوعين للحرب والصدام، وعلى المستوى الثاني رأى في التميز الحضاري للأمة السورية هوية علينا أن نحتفظ بها، ونرفعها شعاراً لنا وخصوصية، وإذا كانت المفردات التي يستعملها لهذا التميز كثيرة وعائمة بيد أنها تصب في النهاية في إطار الذات الثقافية الحضارية المتماسكة والمتلاحمة عبر الحقب والعصور.‏

 

3 ـ عبقرية المكان:‏

 

يلعب المكان في الفكر القومي عند جبران كما في الفكر السوري القومي عامة دوراً مهماً وبارزاً في ترسيخ مفهوم القومية ووحدة عناصرها، أولاً، وفي تميزها من سائر القوميات وإبراز خصوصيتها. ثانياً، وقد لا يكون هذا التعبير "عبقرية المكان" ورد عنده مثلما سيرد عند المنظرين اللاحقين من أصحاب القومية السورية والقومية المصرية أو حتى القومية العربية بالمعنى الشامل للكلمة، إلا أن أحاديثه ا لكثيرة عن تفوق الشخصية السورية وعبقريتها وتألقها وابتكارها وجميع التجليات الإيجابية التي كانت لها في الماضي والتي يمكن أن تكون لها في المستقبل أحاديث تصب في مآلها أو تنتمي إلى حيز عبقرية المكان، المصطلح الأثير الذي أصبح اليوم يحتل موقعه في كل كلام على المجتمعات والثقافات والقوميات و الحضارات، ولست أشك قط في أن جبران وفي كثرة أحاديثه عن آلهة المكان وأساطيره ومناخاته ورياضه وأسراره وطبيعته المادية وما وراء هذه الطبيعة من غيبيات إنما كان يهدف إلى مثل هذا الإيحاء المقصود الذي تنشر ظلاله عبقرية المكان.‏

 

4 ـ اللغة:‏

 

يضطرب موقف جبران إزاء اللغة وعلاقتها بالقومية، ولعلنا نتملى هذا الاضطراب في أربع زوايا أولاها يجعل فيها اللغة وعاء للفكر ملازمة له، تتطور بتطوره، وتتغير بتغيره، ويربط بين مستقبلها ومستقبل الفكر المبدع للناطقين بها. وأخراها أن يجعلها حين تعم وتنتشر ويدرس بها سائر العلوم أداة توحيد لميولنا وأداة تبلور لمنازعنا، وهاتان الزاويتان تنسجمان مع بعضهما ولا تتناقضان. الزاوية الثالثة يؤكد فيها ازدواجية اللغة وضرورة التمسك بهذه الازدواجية، وترك الصراع فيما بينهما "الفصحى و المحكية"، يأخذ مداه، وكل الدلائل تشير إلى أن النتيجة لن تكون لمصلحة إحداهما قدر ما ستكون لبقاء الأنسب، والأنسب موجود هنا وموجود هناك، ولم لا نقول أن المحكية أقرب إلى فكرة الأمة، والأدنى من مرامي ذاتها الفعالة، وستلتئم بجسدها نفسها، وتصبح جزءاً منها؟! الزاوية الرابعة يمكن أن تستنتج استنتاجاً حين يصر في مقارباته من اللغة على أنها وسيلة أمم شتى وأقوام لكل منهم إرثه الثقافي وحضارته وخصوصيته وإنها بهذه الصورة ليست عنده بأكثر من أداة يتم في استعمالها التفاهم والتواصل أكثر مما يتم التعبير عن الفكر والوجود.‏

 

5 ـ الأمة:‏

 

الأمة عند جبران مجموعة من الأفراد متباينون في كل شيء وتضمهم رابطة معنوية أقوى من كل شيء، قد تكون هذه الرابطة دينية أو لغوية أو دموية أو مصلحة مادية، ويفند الرجل جميع أنواع الروابط هذه ليجعل القومية منها متجاوزة لها، طاغية عليها، أسلم اعتباراً وأخلد وأعمق.‏

 

6 ـ القومية كصيغة ناظمة:‏

 

يستعمل جبران الرابطة المعنوية مرادفة للصيغة القومية، بوصفها ناظماً مشتركاً أعظم، يلحم جميع أفراد الأمة ويوحدهم بغض النظر عن أعراقهم أو أديانهم أو لغاتهم أو مصالحهم الخاصة ويميز بين القومية السورية التي بينا عناصرها وبين عالم العروبة، ويرى أن الأمم العربية في شعوبها وأقطارها لا تشكل أمة واحدة بل مجموعة من الأمم تنطق كلها بالعربية في حين تشكل سورية أمة قائمة بذاتها تنفصل عن العرب باعتبارهم جنساً وعن الكيانات المجاورة باعتبارها إحدى مناطق الشرق أوسطية.‏

 

رابعاً ـ مقارنات:‏

 

يمكن للدارس أن يعقد جملة مقارنات بين أطروحات جبران في القومية وأطروحات أمين الريحاني الذي عاصره أو أطروحات أنطون سعادة الذي أتى بعده. وسنخطو ثلاث خطوات، الأولى نبحث في نطاقها عن الملامح المشتركة بينها، والثانية نوازن بين الآراء المتزامنة والثالثة نتتبع فيها الآراء المتعاقبة.‏

 

تشترك أطروحات الثلاثة في نقطتين تؤسسان لها صبغتها العلمية، أولاهما الوقوف ضد الاستعمار العثماني ومحاربته بصفته راعي الجامعة الإسلامية، والدعوى إلى الاستقلال عنه ورفض التبعية له، وأخراهما فصل الدين عن الدولة، وجعل الإيمان مسألة فردية، والنظرة إلى الطائفية باعتبارها العدو اللدود للنزوع القومي.‏

 

وتلتقي أطروحات جبران مع الريحاني في ثلاث نقاط وتباينها في ثلاث.‏

 

تلتقي معها في:‏

 

ـ الوقوف في وجه الفينيقية.‏

 

ـ اعتبار الوحدة السورية الأساس، وكثيراً ما كان يصيح كل منهما: "أنا سوري أولاً ولبناني ثانياً"، أو يدعو إلى: "وحدة سورية قومية جغرافية سياسية".‏

 

ـ اعتبار الإرث القومي للحدود عرباً وغير عرب إرثاً مشتركاً للجميع.‏

 

أما نقاط الخلاف فهي:‏

 

ـ النظرة إلى البلدان العربية، فالريحاني يرى أنها أمة واحدة انصهرت فيها كل الأصول والأعراق، وعكس ذلك جبران.‏

 

ـ التركيز على اللغة وعلى التاريخ وعلى وحدة الثقافة والمصير المشترك لكل أبناء العروبة كما أكدَّ الريحاني، واضطرب فيه أو رفضه جبران.‏

 

ـ جعل الوحدة العربية من أقصى الشمال الإفريقي حتى الخليج العربي مطلباً رسمياً وجماهيرياً على العرب أن يخلصوا له، ويروا فيه مصدر قوتهم وتقدمهم، واعتقد جبران أن الوحدة بهذا المفهوم وهم، وكل ما دعا إليه هنا معاهدات ومحالفات وتجمعات تقوم بين الأمم العربية تجمعها المصالح وتوحدها المنافع المشتركة.‏

 

ويبدو أن نقاط التقاطع والتلاقي بين أطروحات جبران وسعادة أكثر من أن تؤكد، وقد سئل عنها سعادة مرة فقال إن ما أعجبه في جبران ثورته على الكهنوت وثورته على الإقطاع، ودون أن نقف عند هاتين الثورتين فإن أوجه التشابه تبدو عندنا فيما يلي:‏

 

ـ التركيز على الشخصية الحضارية للأمة السورية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.‏

 

ـ تملك الأمة السورية خصوصية مميزة ومؤهلات في التاريخ وفي الجغرافية، في الزمان كما في المكان، قادرة بها على البقاء والخلود والاستمرار والقيادة أيضاً.‏

 

ـ لا توجد قومية في هذه البقعة من الأرض إلا القومية السورية، وشعارها: "سورية للسوريين والسوريون أمة تامة"، وما يقال عن دعوات قومية أخرى تقوم تارة على التاريخ وأخرى على المشاعر والعواطف وثالثة على اللغة أو الدين إن هي إلا مجموعة قضايا قابلة للدحض أو هي مجرد أوهام وأمراض سرعان ما تتلاشى حين تصطدم بالواقع.‏

 

ويدعم سعادة رأيه هذا بما حدث في نكبة فلسطين وكيف أن العرب لم يحاربوا فيها قط كأمة واحدة بل كأمم شتى لكل منها مصالحها وأهدافها.‏

 

ـ لا يكفي أن نتجاوز بالقومية الذهنية الطائفية والتشرذم المذهبي بل لابد أن نعمل على إزالة الحواجز بينها بإنشاء علاقات جديدة حتى ينصهر الجميع في إطار الرابطة الأساس.‏

 

ـ رابطة الأمة ـ‏

 

ـ إن الأمة السورية هي المؤهلة للنهوض بالعالم العربي ولن تستطيع القيام بهذه المهمة إلا إذا كانت تملك عصبية في ذاتها تجعل من ثقافتها هي المسيطرة ومن إرادتها هي النافذة.‏

 

خاتمة:‏

 

أود أن أختم حديثي عن الفكر القومي السياسي عند جبران بإعادة طرح قضيتين مرتا معنا، للوقوف عندهما وإثارة جملة من التساؤلات حولهما: قضية العلاقة بين القومية و الدين وقضية القومية في موقعها بين الفردية الطاغية والإنسانية المهيمنة وكيف يمكن لها أن تكون.‏

 

والقضية الأولى عرضها الثلاثة جبران والريحاني وسعادة، واقروا فيها علمانية القومية، أي فصل الدين عن الدولة، غير أنهم حاروا بعد ذلك أو داروا حول ثلاثة أمور لم ينتهوا فيها إلى موقف. فهم مرة يريدون أن يتركوا مسألة الاعتقاد أو الإيمان إلى المرء نفسه في صلة حرة بينه وبين خالقه. وهم رغبوا ثانية في هدم الجدران بين المذاهب لصهرها وإذابتها وإلغائها. وهم ثالثة شاؤوا أن يقولوا إن الديانات جميعها واحدة مصدرها واحد وغايتها واحدة، وإن تعددت السبل، وما انسياق جبران وراء وحدة الأديان التي استمدها من الهندية تارة والإغريقية أخرى وما هتاف سعادة بأنا كلنا مسلمون منا من أسلم بالمسيحية ومنا من أسلم بالمحمدية ومنا من أسلم بالحكمة، إلا مثالان واضحان لهذا التوجه، فبم نفسر ذلك، بم نفسر هذا التردد ونفسر هذه الحيرة.؟!!...‏

 

القضية الثانية موقع القومية بين الفردية والإنسانية، لقد أشرت إلى هذه النقطة من قبل، وها أنا ذا أعود إليها ثانية، لأقول إن النزعة الفردية الطاغية عند كاتبنا وتأكيده دور الإنسان الفرد.. جبلة وموهبة ونبوغاً ومصلحة وقيادة مرة، وتأكيده الأشمل لإنسانية الإنسان غاية وهدفاً وتطلعاً بغض النظر عن قوميته وثقافته وعرقه ولغته ودينه مرة أخرى لمما يضئل صيغة القومية كظاهرة أو وظيفة في هذا الوجود، ولعل ما يثبت هذا أيضاً حديثه المستمر عن الشرق والشرقية وانصرافه كلية عن الكلام على القومية بعد أن صار يكتب بالإنكليزية. ولئن دل ذلك كله على شيء، فإنما يدل على تطوره الفكري أولاً مثلما يدل ثانياً على أن الجناحين اللذين حلق بهما قبل القومية وأثناءها وبعدها كانا هما الفردية والإنسانية، وإن تواريا لديه فترة إلا أنهما سرعان ما بديا مرنقين خافقين حملاه وظلا يحملانه في حياته وبعد مماته إلى ما فوق مراتب الزمان والمكان.‏

 

مصادر ومراجع‏

 

مصادر:‏

 

1 ـ جبران خليل جبران، المجموعة الكاملة لمؤلفاته، بيروت، د.ت.‏

 

حول جبران:‏

 

2 ـ أنطون غطاس كرم، جبران خليل جبران، القاهرة 1964.‏

 

3 ـ جميل جبر، جبران خليل جبران، بيروت 1981.‏

 

4 ـ خليل حاوي، جبران خليل جبران، بيروت1982.‏

 

5 ـ وهيب كيروز عالم جبران الفكري، مجلدان، بيروت، 1984.‏

 

حول العصر:‏

 

6 ـ ألبرت حوراني، الفكر العربي في عصر النهضة، بيروت 1986.‏

 

7 ـ توفيق برو، العرب والترك، دمشق 1991.‏

 

8 ـ يوسف الحكيم، سورية والعهد العثماني، بيروت، 1980.‏

 

حول الفكرة القومية:‏

 

9 ـ أنطون سعادة، المحاضرات العشر، بيروت 1948.‏

 

10 ـ أنطون سعادة، الإسلام في رسالتيه، بيروت، 1977.‏

 

11 ـ أنطون سعادة، نشوء الأمم، دمشق 1986.‏

 

12 ـ أمين الريحاني، الأعمال العربية الكاملة، المجلد الثامن ـ القوميات، جزءان ـ بيروت ـ 1983.‏

 

مقالات:‏

 

13 ـ خليل أحمد خليل، النسق الجبراني فردي أم جماعي.‏

 

السفير ـ ع/2496/، تاريخ 7/4/1981.‏

 

14 ـ قمر كيلاني، جبران العربي.‏

 

البعث ع/5598/ تاريخ 2/6/1981.‏

 

15 ـ ليلى بديع، جبران القومي.‏

 

المسيرة ع/15/ عام 1981.‏

مجلة الموقف الأدبي - مجلة أدبية شهرية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق - العدد 278 حزيران 1994    

 

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster