اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 سقوط صدام كشف التمزق الوطني <<المقاومة العراقية>> ونشيد <<الصوملة>>
 

 

 

قد لا يحلو للبعض، أن توضع <<المقاومة العراقية>> بين قوسين، او، ان توضع ايضاً على بساط الاسئلة، فمقاومة الآخر، والمحتل تحديداً، وفقاً للعقل السياسي العربي تندرج في خانة الرموز، والرموز عادة، تعلو فوق النقد، فهي لصيقة المقدس، ومَنْ يمسه فمآله التكفير او التخوين، وفقا لتصنيفات العقل الجهادي، او العقل الكفاحي.

وعلى أية حال، فإن العمليات العسكرية في العراق، التي تستهدف القوات الاميركية، (او المقاومة على رأي البعض)، ستأخذ طريقها الى النقاش والمساءلة في حال طال أمدها، وهنا بالذات، فإن الطَّرق المبكر على باب المساءلة، قد يسهم في إيقاظ المُستغلقين على اسئلتهم، او يدفع المتظللين ب <<اليقين>>، نحو مزيد من <<اشغال العقل>>، وتقديم إجابات كافية وشافية، حول جدوى المقاومة في العراق، بمعزل عن هياج الشعارات وانفعالات العواطف، خصوصا في بلد كالعراق، يفتقد الى هوية وطنية جامعة، وهي كبرى الاشكاليات العراقية التي رافقت نشوء <<الدولة>> منذ عشرينات القرن الماضي.

تفصيلا، ليكن الاتفاق اولا، على ان المقاومة، (كل مقاومة وأي مقاومة)، لا تأتي من المجهول، ولا تذهب اليه، فالمقاومة قبل ان تتخذ الفعل العسكري لطرد المحتل او لمواجهته في الحدود الدنيا، هي رؤية سياسية مضادّة وبديلة للواقع المرّ، وعليه، فإن المقاومة، هي <<الربيع السياسي>> الموعود، فضلاً عن كونها ربيعاً على مستويات العيش الاخرى، وأما حين تغيب الرؤية السياسية الواضحة للمقاومة، او تنذر بإعادة انتاج الواقع المرّ، فإنها تغدو في محل الريب والشك.

في حالة <<المقاومة العراقية>>. ثمة شبه إجماع على مرجعين لها:

› بقايا النظام السابق ومريدوه من أقطار عربية مختلفة.

› الحركات السلفية في العراق وامتداداتها العربية الافغانية.

وحيال ذلك، يبدو المشهد العراقي امام نموذجين من <<المقاومة>>، كلاهما لا يحتاج الى إطالة في التعريف عن حقائقه على مستوى التفكير، او على مستوى ادارة السلطة، ذلك ان نموذجي حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين وحركة <<طالبان>>، لا يشكلان حلما ولا وعدا مأمولا، وأقل ما يُقال فيهما، إنهما، أدخلا تعديلا (انقلابا) دراماتيكيا على بنى الثقافة الوطنية في العراق وافغانستان، من خلال الانكسارات التي عصفت بالهويتين الوطنيتين للعراقيين والافغان، بحيث بات هؤلاء (العراقيون والافغان)، طالبي نجدة من <<الامبريالية الرحومة>> لإنقاذهم من جور ابناء جلدتهم وبطشهم!!!

بطبيعة الحال، قد لا يأخذ العقل السياسي العربي، بالحقائق المرّة السابقة الذكر، او بمقترباتها، فواقع الحال، عند هذا العقل، أن مقاومة الاحتلال تتموقع في مصاف الاولوية، وهنا نقع مرة أخرى أمام إعادة إنتاج الاستبداد أو عدم نبذه على الاقل، او تبريده وبالتالية تسويغه، وكل ذلك مردّه الى ثلاثة مصادر تشكل الأنماط التفكيرية للعقل السياسي العربي وهي:

أ مفهوم <<البطل>>، فالقيمة العليا للفرد العربي هي في قوّته <<العضلية>> وليس في قوته المعرفية والثقافية.

ب الموقف السلبي المطلق من <<الآخر>>، فكل أفعاله مرذولة ومرفوضة.
ج تقديس الحروب، وهو الأمر الناتج عن الانفلاش المريع في مفهوم الجهاد.
بالتأكيد، ثمّة مفاهيم اخرى تربض بقسوة في داخل العقل السياسي العربي، ولعل أهمها <<الاطلاق>>، فالسيادة مطلقة في عُرف هذا العقل، وكذلك الكرامة، والعز، وما الى ذلك من مفاهيم ومصطلحات وأخلاقيات هي اقرب الى اللغو والشعر من الى وقائع الحياة ومجرياتها، ومثل هذا اللغو، دفع مرة احد قادة المقاومة الفلسطينية الى اطلاق شعار <<نموت واقفين ولن نركع>>، ولم يدرِ هذا <<القائد>> ان بموته يحقق فائدتين للعدو: التخلص منه، واحتلال أرضه!!!

بصورة عامة، تقترب موضوعة <<المقاومة العراقية>> مما سبق ذكره، الا ان اهم ما يمكن قوله في هذه اللحظة العراقية الساخنة، ان العراق لا يحتاج في هذه المرحلة الى مقاومة، بقدر ما يحتاج الى صوغ هويته الوطنية... كيف؟؟

منذء نشوء الدولة العراقية الحديثة، في العشرية الثانية من القرن الماضي، تمحور السؤال العراقي حول كيفية بناء دولة تعكس التعبيرات المختلفة لأطياف النسيج الاجتماعي في العراق الناشئ آنذاك.

الاجابة عن هذا السؤال، بقيت مؤجلة الى حين استفحال معضلة الانقلابات منذ العام 1958، ومن ثم الذهاب نحو اقصوية الاستفحال بعد وصول <<البعث>> الى السلطة للمرة الثانية في العام 1968، حين راحت السنوات اللاحقة تفكك عناصر الاجتماع العراقي وتحوله الى متناثرات ومبعثرات مذهبية وقومية وعشائرية وعائلية، لم يعد فيها للعراق من مكان، سوى في <<الأنا السياسية>> العليا للعراقيين، وبسقوط صدام حسين تكشّف <<الوطن العراقي>>، عن أوطان ممزّقة هي حصيلة حكم الرئيس صدام حسين.

ما يُراد قولُه هنا، ان إعادة ترتيب البيت العراقي وصوغ هويته الوطنية والتطلّع الى بناء نظام سياسي، يستمدّ ركائزه من التعبيرات المذهبية والقومية والدينية لواقع العراق، بالاضافة الى أطياف القوى السياسية المختلفة، يتقدّم على اي مشروع آخر، ذلك أنه من الخطأ (وربما الخطيئة) بمكان، أن يُعاد الى تجاهل التمزّق الحاصل في العراق، والانطلاق نحو فعل عسكري، قبل ايجاد إجماع عراقي على ماهية عراق المستقبل، ووظيفته، ودوره، وكذلك مواقع الاطراف المختلفة، في النظام الجديد، المفترض، ان يتم تحديده والتأكيد عليه، قبل المغامرة العسكرية ذات الأفق المجهول، وذات الأطراف المجهولة.

عموماً، لا يأتي القول بجديد، حين يُشار الى ان مناطق الجنوب والشمال العراقية، غير معنية بالأعمال العسكرية الجارية الآن في الوسط العراقي من دون غيره، ومعنى حصر الاعمال المذكورة في المثلث الذي غدت معالمه وانتماءاته واضحة هو التالي:

1 إن فئات عراقية ذهبت الى <<المقاومة>> ارتكازاً على واقع ان منطق الغلبة دهمها، وتسعى الى الفعل العسكري لرد منطق الغلبة، وضمن هذا المعنى، تبدو <<المقاومة>> موجّهة مادياً ضد القوات الاميركية، ومعنويا ضد مناطق الجنوب والشمال.

2 ان اقتصار <<المقاومة>> على مناطق من دون غيرها، من شأنها، ان تصدر اتهامات النقص بالوطنية لفئات عراقية عريضة، ومن مخاطر ذلك، الاسهام في التمزق العراقي وإضافة المزيد من العورات الانقسامية في عراق اليوم.

إن المقاومة (أي مقاومة وكل مقاومة) بقدر ما تحمل مشروعا للتحرير عبر الوسائل العسكرية، فإنها من جانب آخر، تحمل مشروعا توحيديا، وغالبا ما تعبر المقاومة عن تحالف عريض وصيغة وطنية تحالفية بين القوى والاطياف والاتجاهات المتعددة في الوطن الواحد، وهذا ما لا ينطبق على واقع <<المقاومة العراقية>>، فهي لا تبدو مشروعا توحيديا، فضلا عن كون الخلل السياسي رفيقها وطريقها، وإذ يسأل المرء عن الرؤية السياسية لهذه <<المقاومة>>. فالإجابة المجردة هي التي تطل برأسها على السؤال الاستراتيجي، وهذه الاجابة تستقر على استعجال وفراغ، فالمهمّ بحسب منطق <<المقاومة العراقية>> وبحسب منطق المنظّرين لها او الموالين والمريدين، هو مقاومة الاحتلال، وطرده من العراق، وأما بعد ذلك، فالأمر متروك للزمن وآلياته!!

مثل هذه الإجابة، (الإجابات) تزيد الواقع العراقي تعقيدا، ولعل التعقيد الاكثر إشكالية وسخونة في الآن نفسه، يكمن في الافتراض الناتج عن توقع الانسحاب الاميركي من العراق في لحظة ضيق وحشر، يُنبت سؤالا لا يستطيع المغامرون و<<المقاومون>> الاجابة عنه، لكون الاجابة المذكورة تنطوي على هروب من حقائق المخيلة التي تتقافز صور الفظائع العراقية العراقية فيها، صورة إثر صورة.

هل هذا هو طموح <<المقاومة العراقية>>؟؟ أو طموح المنظرين لها؟؟. وبما يعني دفع العراق والعراقيين الى التذابح والارتداد الى صومعاتهم الدينية والمذهبية والقومية، وبالتالي استقدام المشهد الصومالي الى راهن العراق ومصيره؟؟

ففي الصومال، حيث <<كانت السيوف إصدق إنباء من الكتب>>، حزم الاميركيون أمرهم، وتركوا الصوماليين على غاربهم، وخلاصة مشهدهم لا تحتاج الى كلام، غير ان طربية النصر، وغنائية المقاومة، وشعرية البطولة، جعلت من <<الصوملة>> نشيدا يألفه العقل السياسي العربي ويبتغيه ويستأنس به وإليه.

أخيراً، ومرة اخرى عن الصومال: هل <<الصوملة>> هي نشيد <<المقاومة العراقية>> وغايتها؟؟

 --------------------انتهت.

توفيق شومان

  الكاتب:

السفير

  المصدر:

14-08-2003

  تاريخ النشر:

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster