اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 نيكسون في غواتيمالا
 

نيكسون و تيتو

زار نائب الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون غواتيمالا في شباط فبراير من عام خمسة وخمسين ضمن جولة تتعدى حسن النوايا.

نيكسون:

هذه أول مرة في تاريخ العالم، يتم فيها الإطاحة بحكومة شيوعية على يد الشعب، لهذا نهنئك ونهنئ الشعب الغواتيمالي على ما قدمه من دعم.

هنأ نيكسون كاستيو أرماس، رئيس غواتيمالا لإطاحته بحكم شيوعي.

نيكسون:

ما يعني أن حكم أربينز، لم يكن حكما غواتيماليا، بل حكم أجنبي يسيرونه من الخارج.

تماما!

أي أنه محكوم من موسكو.

وهذا يحدث لأول مرة في أمريكا.

نيكسون:

لأول مرة في أمريكا.

ما لم يقله نيكسون هو أن كاستيو أرماس كان مجند لدى السي أي إيه. وأن جيشه يمول ويدرب على يد السي أي إيه. وأن كاستيو أرماس لم يقد انتفاضة شعبية ضد حكومة أربينز، بل كان الرأس المدبر لانقلاب عسكرية دبرته السي أي إيه.

=-=-

وزير الخارجية الأمريكي هو الرجل الذي دبر الانقلاب، وقد عرف بأنه مقاتل متحمس في الحرب الباردة.

أما الرأس المدبر للانقلاب فهو شقيقه ألان دلاس، مدير السي أي إيه وأحد المحاربين القدامى في العمليات السرية.

=-=-=-

الشخص الذي حضر للحملة الإعلامية هو العميل إي هاورد هانت، الذي اشتهر لاحقا بتورطه في فضيحة واترغيت.

كان هدف الجميع رجل يسمونه هاكوبو الأحمر، والذي يعرفه العالم باسم هاكوبو أربينز، رئيس غواتيمالا المنتخب، والذي ارتكب خطأ سياسيا قاتلا، حين استولى على أراضي إحدى الشركات الأمريكية، ووزعها على الفلاحين، ليشعل نيران الحرب الباردة في أمريكا اللاتينية.

=-=-=-

يسمون شركة يونايتيد فروت  بالإسبانية، البولبو، أي الأخطبوط، وهي تختص بزراعة الموز وبيعه.

إعلان:

يمكن أن تأكل الموز في أي وقت، وعلى أي وجبة.

يسمونها الأخطبوط لأنها تملك مساحات شاسعة من الأراضي على طول أمريكا اللاتينية. وأطرافها تمتد إلى جميع القصور الرئاسية، التي يحكمها في هذه المنطقة القادة العسكريون.

يجلس على قمة اليونايتد فروت سام ساموراي، الملقب برجل الموز، والذي بدأ أول مشروع له بتمويل انقلاب أطاح برئيس هندوراس عام أربعة وعشرين.

تعتبر يونايتد فروت صاحبة أكبر مساحات من الأراضي في غواتيمالا، كما تملك سكك الحديد والتيار الكهربائي، وتتحكم بأهم الموانئ في البلاد.

كانت غواتيمالا بلد سلم فيه الحكام العسكريون البلاد برمتها إلى يونايتيد فروت كومباني. وضعوا البلد في جيوبها.

كانت تحكم البلد من وجهة النظر الاقتصادية، كان ليونايتد فروت الكلمة الفصل في كثير من الأمور.

وفجأة وجدت يونايتيد فروت نفسها مهددة بشكل مباشر، من شخص يسمى، هاكوبو أربينز، الرئيس المنتخب حديثا في غواتيمالا. وصل أربينز إلى السلطة حين وعد الفلاحين بإعطائهم الأرض، ولهنود المايا، الذين يفلحون مزارع البلاد.

أربينز هو نجل صيديلي سويسري سابق، من أم غواتيمالية، إسبانية الجذور، انضم إلى الجيش للتحصيل العلمي.

تميز أربينز بشخصية جذابة، زعيم بالفطرة، أصبح أصغر كابتن يعلم في الأكاديمية العسكرية، رغم استيائه من وحشية العسكريين فيها.

تعرف أربينز وزوجته على الأفكار الماركسية، عبر اطلاعهما على البيان الشيوعي، ولكن أربينز لم يكن عضوا في الحزب.

كان خوسي مانويل فورتوني من بين أفضل أصدقائه، إلى جانب عدد آخر من أعضاء الحزب الشيوعي الحديث، الذين كانوا على مسافة قريبة منه.

أول قرار صدر عن الرئيس أربينز حين تولى السلطة هو القانون تسعمائة، الذي يعلن فيه الإصلاح الزراعي.

يؤكد هذا الفيلم الدعائي للفلاحين أنهم إذا ما أرادوا بناء عائلة، سيحتاجون إلى الأرض.

صادر أربينز الأراضي من أصحاب مزارع البن المحليين، ومن شركة يونايتيد فروت كومباني، فاستولى على أربعمائة ألف إيكر. إثر ذلك قال زعيم الحزب الشيوعي حينها وواضع قانون الإصلاح الزراعي مانويل فورتوني لهاكوبو أربينز، أنه ربما تسرع كثيرا.

لاحظ بأني لم أقفز من شدة الفرح، فنظر إلي وهو يقول: يبدو أنك لست متحمس جدا لمصادرة الأراضي، فأجبته، بل بالعكس، كان يجب مصادرة الأراضي، ولكني أرى أنه كان يجب أن تقوم بها عشية انتهاء مدة رئاستك، لأننا الآن سنواجه حربا على جبهتين، ليس على مستوى الملاك الغواتيمالي الذي صادرنا أراضيه، بل سنواجه يوناتيد فروت كومباني أيضا.

وقد ثبت أن فورتوني على حق. رغم مصادرة أربينز للأراضي الغير مزروعة فقط بعد أن دفع ثمنا عادلا لهان إلا أن الغضب تملك يونايتد فروت.

لا تتمتع يونايتد فروت بالقوة في غواتيمالا وحدها، بل تمد أصابع سلطتها إلى واشنطن أيضا، توم كوركوران هو المسلح المأجور لدى الشركة، والمعروف في واشنطن بلقب، طوني ذي كورك، القادر على فتح جميع أبواب العاصمة. حاول كورك إقناع العاملين في السلطة أن تهديد مزارع الموز يشكل تهديدا للأمن القومي.

بذلت يونايتيد فروت كل ما بوسعها لربط حركة الإصلاح الزراعي بالخطر الشيوعي، ما كان يلقى مسامع صاغية بين عامي ثلاثة وخمسين وأربعة وخمسين.

هناك أسباب أخرى لدى من يستمعون إلى كورك، منها أن جون فوستير دلاس، وشقيقه ألان دلاس، قاما بأعمال قانونية لصالح يونايتد فروت.

ومساعد وزير الخارجية للشؤون الأمريكية جون مور كابوت، يملك أسهما في اليونايتيد فروت. وكان شقيقه توماس رئيسا للشركة عام ثمانية وأربعين، كما أن قريبهما هنري كابوت لودج، السفير الأمريكي في هيئة الأمم المتحدة حينها، كان يستثمر أمواله أيضا في اليوناتيد فروت.

كان من الواضح أنهم يدافعون عن مصالح شركات خاصة، كانت على نزاعه مع حكومة أجنبية، وقد رأينا من غير الملائم فعلا أن تتحدث وزارة الخارجية الأمريكية  كل يوم لتدافع عن مصالح اليونايتد فروت في بوسطن.

سخرت يونايتيد فروت أيضا جهود إدوارد بيرني، عرّاب العلاقات الخارجية، الذي أرسل بعضا من أهم الصحفيين والناشرين في الولايات المتحدة إلى غواتيمالا. كان مدراء الشركة خلال هذه الجولات الصحفية  يحذرون الصحفيين من تسلل الشيوعية إلى أمريكا اللاتينية.

أقنعوا الصحفيين بأن الماركسية تجتاح البلاد وهي تسعى لطردهم من هناك. تحولت هذه القصص إلى عناوين كبيرة على الصفحات الأولى للصحف الرئيسية في أمريكا عند عودة الصحفيين إلى هنا.

بعد وقوف الرأي العام، والصحافة،  ورجال السياسة إلى جانبهم، بدأ الأخوة دلاس بالتخطيط للإطاحة بالرئيس هاكوبو أربينز. حتى اعتبر جون فوستير دلاس أن الإطاحة بأربينز أصبحت مسألة شخصية.

كان جون فوستير دلاس متطرف ديني يعتبر أن العالم يعيش صراعا دائما بين الخير والشر، واعتبر أن هذه معركة حتى الموت، وكان مستعدا للحرب.

صيف عام ثلاثة وخمسين قام ألين دلاس مدير السي أي إيه في مركزها  الرئيسي في واشنطن، بتجنيد إي هاورد هانت، ليقود حملتها الإعلامية الهادفة للإطاحة بأربينز.

أدخلوني إلى غرفة صغيرة في السي أي إيه وطلبوا مني قسما خاصا، بألا أخبر أحدا عما سيخبروني به.

 باستطاعة هانت تنفيذ العملية السرية، ولكن دلاس، يحتاج إلى شخص آخر في السفارة، يريد سفيرا لا يتبع القوانين.فعين جان بوريفوي، وهو مقاتل آخر في الحرب الباردة. الذي لقبه رجال العصابات في غواتيملا في آخر ظهور له، بجزار اليونان.

كان بوريفوي رجل عصابات، ولم يكن دبلوماسيا، لقد أرسلو بورفوي تحديدا لهذا السبب، كي يحضر لانقلاب ضد أربينز.

لا شك أنه كان رجل عصابات، يجول في كل مكان والمسدس هنا،  تحت السترة.

تحولت سفارة بوريفوي في غواتيمالا إلى مركز لإدارة الانقلاب، بعد أن استولت السي أي إيه على الطابق العلوي.

كان يدين للإدارة  بالوظيفة بعد أن عينته سفيرا، فكان مطيع جدا، يتصرف بخشوع شديد، يفعل كل ما تأمره به السي أي إيه.

وصل بوريفوي إلى مدينة غواتيمالا في تشرين أول أكتوبر من عام ثلاثة وخمسين، فدعا الرئيس وزوجته إلى العشاء.

ناقش في المواضيع العامة، وبأسلوب حوار هادئ، من خطر ترك الشيوعيين يتحكمون بالأشياء.

وفي لحظة ما، قال بوريفوي ما يلي لأربينز: سيدي الرئيس، المشكلة هنا ليست في شركة يونايتيد فروت، إذ يمكن أن نجعلها تخضع لمصادرة الأراضي، إذا ما طردت الشيوعيين، وجعلتهم خارجين عن القانون.

دام العشاء ست ساعات. تميز فيها أربينز بالجرأة. كتب بوريفوي بعدها لرئيسه في واشنطن يقول أن مصير أربينز محدد.

ظهرت بعض التباينات في الإدارة، وتحديدا في وزارة الخارجية، حول ما إذا كان أربينز شيوعيا، ويبدو أن بوريفوي أوضح الأمر تماما في التقرير الذي كتبه لوزارة الخارجية، حيث قال: أمضيت حوالي أربع ساعات في التحدث مع الرئيس أربينز، ولا بد من القول بأني أخضعته لفحص البطة، الذي يكمن في أنك إذا رأيت طيرا في بركة ما يعوم ويغتسل كالبط، من المحتمل جدا أن يكون بطة. لهذا أعتقد شخصيا أن أربينز شيوعي فعلا.

حسم الأخوة دلاس أمرهما للإطاحة بأربينز. طلب ألان من هانت أن يبحث عن بديل له، في رجل يمكن الاعتماد عليه. رجل يقبل به الهنود كواحد منهم. فكان كاستيو أرماس.

يمكن للمرء أن ينزع عنه  اللباس العسكري ويضعه في رداء هنود المايا ليتسلق أحد الأهرام ويشعر هناك وكأنه في منزله.

أرماس هو المرشح الأفضل، فقد سبق له أن حاول الإطاحة بالحكومة الغواتيمالية عام خمسين، وبعد فراره من السجن، أقام معسكرا في هندوراس، ومن هناك أخذ يطلب المساعدة من أعداء أربينز.

كانت ملامحه تفصح عن شخصيته، كان الشخصية المناسبة القادرة على القيام بالمهمة والإطاحة بالحكومة.

كانت الكنيسة الكاثوليكية هي الحليف الأكبر لأمريكا داخل غواتيمالا. اتصلت السي أي إيه بالكاردينال سبيلمان في نيويورك ليساهم في حربها النفسية المعلنة على أربينز. استخدم الكاردينال سلطاته للحصول على الدعم الكامل من قبل أسقف الكنيسة الغواتيمالية الأسقف أرايانو.

أقنع سبيلمان زملائه في غواتيمالا بصياغة بيان رعوي، قبل أشهر من الإنقلاب، يدعو فيه أتباع الكنيسة إلى التمرد على الشيوعيين في غواتيمالا والإطاحة بهم. ثم أخذت السي أي إيه تلك الرسالة ونشرتها في جميع أرجاء البلد.

لم أكتب البيان الرعوي بنفسي، ولكني أعتقد أن الدعاية الاستخبارية كانت وراءه.

حصلنا على الموافقة من الكاردينال سبيلمان بهذا الشأن، يمكن أن أتكهن بخط السلطات في الكنيسة الكاثوليكية وكيفية حصولها على المعلومات، ولكن سبق أن قلنا بإعجاب كما تعرف، بأن اليسوعية تشكل أعظم خدمات استخبارية في العالم. وهذا ما حدث.

بعد تجنيد الكنيسة، توجهت السي أي إيه لكسب الجيش،  يدرك الأخوة دلاس بأن بقاء أربينز يعتمد على إخلاص ضباطه، فتآمرت السي أي إيه لشراء تعاون نخبة منهم.

عند حلول الساعة القادمة لا محال، ابقوا في مهاجعكم. هذا كل شيء. لا نريدكم أن تحملوا السلاح ضد أي شخص كان. بل ابقوا هناك، وسنتولى نحن الباقي. أي أننا كنا نقول لهم ابقوا في سرائركم كي نعتني نحن بكم.

بدأ الضغط يتراكم، سرعان ما تنبه أربينز إلى أنه يواجه عدوا أخطر بكثير من غريمه المألوف كاستيو أرماس.

=-=-==-

قبل أشهر من حلول موعد الانقلاب، بدأت مدينة غواتيمالا تعج بمخبري السي أي إيه. إنهم يسعون إلى أي معلومات تساعد في إطاحة أربينز. أصبحت حانات المدينة غطاء للاجتماعات السرية. ولكن أربينز يمتلك أفضل مخبر. البريد الشخصي لكاستيو أرماس، باعه الطائرات للاجتياح. مع نهاية عام ثلاثة وخمسين، ثبت لأربينز أن الولايات المتحدة تتآمر للإطاحة به.

أصبح التهديد واقعا، وعلى أربينز أن يجهز للحرب. فقرر أن يرسل مانويل فورتوني إلى تشيكوسلوفاكيا. أي أنه لامس المحظور في قمة الحرب الباردة.

كنت أعرف ما يعنيه ذلك من خطر، لهذا أحيطت رحلتي بالكتمان، أبقيت في السر كليا.

بعد شهرين من المفاوضات، أكد فورتوني ضمانة الأسلحة. ولكن أربينز لم يلتزم قرار  الحرب بعد، اعتقد أنه يستطيع إقناع الأخوة دلاس بالتراجع عن الهجوم. فعقد مؤتمر صحفي كشف فيه عن الخطة السرية للاجتياح.

فصل في المؤتمر الصحفي كل ما سيحدث خطوة بعد أخرى عام أربعة وخمسين، عندما جرت عملية الانقلاب فعلا. ولكن هذا لم يؤثر على الإطلاق، فقد أعلنت السي أي إيه أن هذه خدعة من قبل الحكومة الغواتيمالية للنجاة بنفسها. حتى تلاشى كل ما يتعلق بجوانب الكشف عن المؤامرة.

بعد يومين من كشف أربينز عن المؤامرة، جاء الرد من جون فوستير دلاس، متهما أربينز بأنه أداة بيد السوفيت، وجزء من الحملة الدعائية الشيوعية، فرددت وسائل الإعلام هذه الاتهامات.

=-=-=-=

ملحق إخباري:

دلاس يطلق تحذيرا من الحمر..

يوم الرابع من آذار مارس من عام أربعة وخمسين، لجأ دلاس لعقد اجتماع لمنظمة الدول الأمريكية لعزل أربينز. كي تعتبر حكومته، خارجة عن القانون.

ما كنا لنعيش في الأوهام، أدركنا تماما بأن غواتيمالا سوف توضع في قفص الاتهام في اجتماع كراكاس، الذي صمم أصلا لإدانة أربينز وحكومته، كتعبير عن إدانة للتدخل الشيوعي العالمي في أمريكا اللاتينية.

أعتقد أن الأفكار الغريبة، معادية لمبادئنا، وأنها إن لم ترتدع بتحذيراتنا، سنضطر للتعامل معها ومع الظروف التي يمكن أن تهدد السلام في أمريكا.

اختصر عبارته بالقول أن لدينا حالة هنا، تطل الشيوعية فيها برأسها البشع، وعليكم أن تقفوا معنا، شئتم ذلك أم أبيتم.

لا مكان في هذه المنطقة لمؤسسات سياسية تخدم أسياد غرباء.

وحدها غواتيمالا صوتت ضد القرار الأمريكي.

ما الذي كان سيحدث لو صوت أي بلد مثل فنزويلا أو كولومبيا ضد اقتراح قرار جون فوستر دلاس؟ بكل بساطة، ستقطع الولايات المتحدة المساعدات العسكرية عنها، أو أي نوع من المعونات الأخرى التي تقدمها الولايات المتحدة لهذه البلدان.

وهكذا حصل دلاس على موافقة تكتيكية للإطاحة بحكومة أربينز. جاء الآن دور السي أي إيه لضرب العدو في عقر داره، غواتيمالا.

أطلقت السي أي إيه إذاعتها الحربية من قبو صغير وراء الحدود مع غواتيمالا.

ونتهمهم بالخيانة العظمى..

غزت إذاعة لا فوس دي ليبيرسيون موجات غواتيمالا الهوائية، وهي تحمل خطابا مناهضا للشيوعية ولأربينز.

نتهم أربينز بالخيانة العظمى ضد البلد، نتهمه ونتهم مستشاريه بالخيانة، لأنهم باعوا البلاد لأسيادهم في الاتحاد السوفيتي.

كنت المدير المسئول عن راديو ليبيراسيون، وحملاتها النفسية، كنا نتبع الأسلوب الإيقاعي ونعتمد على خلفية موسيقية تجعل الخطاب أشد حماسا.

أمضت السي أي إيه خمسة وثلاثين يوما لتسجيلات البث الإذاعي، وذلك في أوبا لوكا، في ضاحية ميامي.

كنا نأتي بالناس ليلا ضمن ما نسميه بالتحليق الأسود. كنا نأتي بالعناصر المناهضة لأربينز. كان داف فيليبس يعمل معي كمنسق إعلامي، فتولى مسؤولية تنسيق أعمال التحرير  والبث في إذاعة غواتيمالا، فجهز لنفسه ورشة إعلامية استخدم فيها الغواتيماليين الذي خرجوا إلى المنفى.

ولكن الأخوين دلاس في السي أي إيه ووزارة الخارجية شعرا بأن غواتيمالا بلد صغير وبدائي جدان من الممكن تحقيق نجاح أكبر لإخضاعه بعمليات وحملات نفسية بدل التدخل العسكري المباشر.

فشلت محاولات أربينز للتشويش على البث الإذاعي. فقرر أن يقطع الكهرباء عن مدينة غواتيملا.

تعزز البث الإذاعي بمناشير جوية مناهضة للشيوعية، أسقطت الطائرات الأمريكية آلاف منها فوق مدينة غواتيمالا.

وهي تدعو للنضال في سبيل الحرية والعدالة في البلاد. والكفاح ضد الإلحاد والاضطهاد والأكاذيب الشيوعية.

في ذات الشهر الذي بدأت فيه السي أي إيه حملتها الدعائية، شاهد أحد عملائها في الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، سفينة شيكوسلوفاكية محملة بالأسلحة ترسو في ميناء ستيتين البولندي.  فبعث برسالة مشفرة إلى ألان دلاس تقول: يا إلهي يا إلهي لماذا تتخلى عني؟ وهكذا أسدل الستار عن مهمة أربينز السرية.  

قام ألان بتمرير المعلومة إلى شقيقه في الخارجية، ليحملها جون فوستير دلاس، مباشرة إلى الصحافة.

كنت أغطي أنباء وزارة الخارجية لصالح يونايتد برس حينها، حيث كان لينك وايت الناطق الرسمي بلسان الخارجية يقدم لنا تقريرا بحريا عن المكان الذي وصلت إليه سفينة ألفا. وذلك لإبلاغ الغواتيماليين بأن السفينة لم تعد سرية، ويبدو أن الأسلحة التشيكية كانت الشعرة التي قسمت ظهر البعير.

انتهز دلاس هذه الفرصة لإعلان غواتيمالا تهديدا شيوعيا.

عبر هذه الشحنة العسكرية ستتحول حكومة متأثرة جدا بالشيوعية، إلى أداة للسيطرة على أمريكا الوسطى بكاملها.

بقي أمام دلاس مسألة أخيرة يعتني بها، قبل تنفيذ الانقلاب، عليه أن يبقي على عدد من الصحفيين خارج غواتيمالا. إنه مراسل النيويورك تايم سيدني غروسون، الذي كان يعمل مع زوجته فلورا لويس مراسلان في أمريكا اللاتينية.

يبدو أنه في مرحلة ما أزعج العاملين في الحكومة الغواتيمالية فمنعوه، ورفضوا منحه إشارة دخول. 

احتج فروسون على ذلك، فتدخلت التايم لصالحه، وسمح له بالعودة إلى غواتيمالا، حيث أصبح محط شبهات لدى الأمريكيين.

هذا ما أزعج السي أي إيه، وأصروا على عدم بقائه، ما يؤكد أنهم يشكون بوقوفه إلى الجانب الآخر، بما لا يحتمل المنطق.

اتصل آلان دلاس شخصيا بالنيويورك تايمز،

أبلغهم أنه قلق مما تحتويه تقارير سيدني غروسون، وأوحى بشكه في أن يكون سيدني غروسون محرضا.

وافق ناشر التايمز أرثر سولزبيرغير على إخراج غروسون من غواتيمالا. بعد إزالة خطر الانتقادات الصحفية، أعطى الرئيس أيزنهاور الضوء الأخضر لتنفيذ الانقلاب العسكري.

 =-=-=-=-=

يوم السابع عشر من حزيران يونيو بدأ الانقلاب. اجتاح الثوار. هذا ما أكدته إذاعة ليبيراسيون.

ملحق بالإسبانية:

إلى أبناء غواتيمالا، إلى أبناء غواتيمالا، إذاعة ليبيراسيون..

انطلقت قوة مهاجمة كبيرة من الحدود، من الأفضل أن يخرج الجيش من البلد، من الأفضل أن يخرج أربينز من البلد، وعلى الجميع أن يحتمي.

وتابعنا نقول: نعم لا شك أن وحداتنا تتقدم. هناك عشرون من الرجال، يقودهم إدواردو تاراسينا دي لا سيرنا، الذي استولى على ميراموندو، هذه هي وحداتنا.

لم يتعدى جيش السي أي إيه أكثر من مائتي رجل، يملكون أسلحة خفيفه، وتنقصهم المواصلات. كان  جيش ظل، مجرد سلاح آخر في الحرب الإعلامية.

تولت الدعاية مكان المعارك المسلحة، وحلت محل سفك الدماء التي لا نحتاجها لأن العدو سيستسلم، حين يجد نفسه عاجزا عن القيام بأداء مستقل، فيكون لنا ما نريده فعلا.

وصل الصحفيون إلى الحدود مع هندوراس، فلم يمنحوا إذن بدخول غواتيمالا. قامت شركة علاقات خارجية، استأجرتها يونايتد فروت، بتوزيع نشرة إخبارية يومية، تتحدث عن العمليات على الجبهة.

كانت مجرد أكاذيب.

كانت إيفيلين أيرون تكتب لصالح  لندن إيفنينغ ستاندرد، وقد وجدت كل ما حولها مجرد مسرحية معدة ومشبوهة.

ما عليك إلا أن تقرع الباب وتسأل عن شارلي شابلين. كانت ظروف غامضة، ما أن تدخل إلى هناك حتى تجد ما يشبه قاعة المؤتمرات، وحفنة من ثلاثة رجال هناك، كنت أعرف من هم، فيقدمون لنا نشرات مكتوبة لا نعرف من اين جاءت. وقد سمعتهم في الليلة الأولى يقولون أن هناك مائتي قتيل في يوم واحد.

أيرونز تريد أدلة، أرادت أن تشاهد الجثث، فاستأجرت دليل وحمار كي يأخذانها عبر الجبال إلى حيث يخيم كاستيو أرماس وعناصره المتمردين.

عندما وصلت أيرون إلى مخيم المتمردين تأكدت جميع شكوكها.

ما كانوا يفعلون شيئا على الإطلاق، بل يكتفون بالتسكع، أردت أن أرى تلك المعركة الشهيرة التي وقعت الليلة الماضية وسقط فيها مائتي جندي كما يدعون. فنظرت من حولي ولم أر إلا سبعة جثث موزعة على طول الطريق. ولا أحد من الفلاحين هناك يعرفون إلى أي طرف ينتمون.

وقعت المعركة الحقيقية في مدينة غواتيمالا، العاصمة التي أشعلت فيها السي أي إيه معركة نفسية ضد أربينز. قامت الطائرات الأمريكية وعلى متنها رجال السي أي إيه بقصف العاصمة.

أخافتهم الطائرات فعلا حتى الموت. تمكنت الطائرات الحربية بقذائفها ومدافعها الرشاشة من إخلاء شوارع المدينة بكاملها.

كنت أصلح جزءا من قرميد منزلي حين رأيت طائرة عسكرية ترمي القذائف  وتطلق النار. لم أدرك في البداية ما يجري إلى أن تنبهت فيما بعد أنها أولى طائرات التحرير. إنها طائرة من نوع تي سبعة وأربعين نسميها سولفاتو، وهو مسهل معوي، لأن كل الذين كانوا على شرفات القصر يطلقون النار، أصيبوا بآلام معوية.

كانت تلك تجربة مخيفة لم  يسبق لسكان المدينة أ، مروا بها.

كانت الطائرات بالنسبة لأربينز، مؤشرا لكارثة أشد وأكبر، فقد اعتبرها مقدمة لاجتياح أمريكي.

كانت تلك لعبة ترهيب كبيرة، إلى حد ما. لم يكن هناك أي سبب يدعو أربينز أو غيره للاعتقاد بأن الحكومة ستهتز. نتحدث هنا عن ولاية  دوايت أيزنهاور الذي قاد أكبر اجتياح برمائي في التاريخ العسكري.  هل تعتقد أنه سيخاف من إنزال بعض القوات في غواتيمالا؟

أربينز يحتاج إلى تدخل المجتمع الدولي كي يحمي غواتيمالا من الولايات المتحدة. فوجه نداء إلى الأمم المتحدة.

لم يكن أمامه خيار آخر، ولا طريقة أخرى واتجاه آخر. كانت الأمم المتحدة هي الملاذ الوحيد. بقي أمامنا ذلك المرجع لإدانة ما يجري في البلاد، من تدخل أمريكي مباشر.

حسم جون فوستير دالاس أمره لجعل الأمم المتحدة تجتنب غواتيمالا. ضغط مندوب الولايات المتحدة هنري كابوت لودج، على القوى الغربية الأخرى كي تصوت إلى جانبه ضد طلب غواتيمالا لإرسال مراقبين دوليين. في النهاية لم يدعم أربينز إلا الاتحاد السوفيتي. استغل لودج هذه المناسبة لتوجيه إنذار شديد اللهجة لموسكو.

من الواضح أن لدى الاتحاد السوفيتي رغبات في القارة الأمريكية.  هذه حدود القارة الأمريكية، فلا تحاولوا التآمر والتدخل ورسم الخطط هنا.

=-=-=-=-

من المؤسف جدا أنه حين تأتي إحدى الدول الصغيرة طلبا للمساعدة، أن يدير المجتمع الدولي الظهر لها وهو الملاذ الوحيد.

بذل كل ما بوسعه، حاول القيام بكل ما يمكن عمله، لجأ إلى الجميع وعاد في خفي حني.

=-=-==-=

وجهت إذاعة ليبيراسيون حملتها الدعائية مستهدفة الجيش الغواتيمالي، الأمل الأخير لبقاء أربينز في السلطة.

تمكنت أجهزة استخباراتنا من التسلل إلى جميع مستويات الجيش، وقامت بجمع أسماء النشطين  والعملاء والخونة، الذين سندينهم أمام الرأي العام الغواتيمالي.

لم يكن الجيش أقل مناعة من أربينز تجاه تلك الحملات النفسية التي كانت تشن على البلاد.

لم يفكر أربينز لحظة واحدة أن الجيش سيدير له الظهر. لم يفكر لحظة واحدة على الإطلاق بأن الجيش سينحرف مائة وثمانين درجة.

قلق أربينز حيال ولاء ضباطه، جعله يرسل مبعوثا إلى الجبهة.

سأله أربينز عما يقوله القادة العسكريون هناك. فأجابه المبعوث. عذرا سيدي ولكني سأخبرك بما يقوله القادة العسكريون حرفيا. لقد قالوا: يمكنك أن تذهب إلى الجحيم.

أعتقد أن اعتماده الأخير كان على إخلاص الجيش، وما جاءه منهم أحبطه كليا.

بقي أربينز مقفلا في مكتبه طوال اليوم، بعد أن جمده اليأس تماما. الرجل الذي وصفه السي أي إيه يوما بالبارع والمثقف، صار حطام.

كان شخصية أضعف مما يعتقد الناس، كما انتشرت شائعات تقول أن هذه الضغوط دفعته إلى الإدمان على الكحول، الذي سبق أن تعرض له من قبل.

كان العقيد دياس من أقرب الضباط الذين يثق بهم  أربينز، وذلك من أيام الدراسة في الأكاديمية العسكرية. ذهب دياس إلى السفير الأمريكي بوريفوي ليرى ما الذي يمكن عمله، وقد سمعه وليام كريغ يطرح السؤال.

ما الذي يمكن أن تفعله لوقف تقدم كاستيو أرماس؟ فأجابه السفير أعتقد أن على أربينز أن يستقيل ليس أمامه سوى الرحيل.

قدم دياس نفسه بديلا لأربينز، فوافق بيريفوي، فغادر دياس لإبلاغ أربينز بالأمر.

لا شك أن بيريفوي كان يخدع دياس لأنه ما كان ليسمح له باستلام السلطة، بل كان يستخدمه كسلاح أولي للتخلص من أربينز.

 وافق أربينز على الاستقالة شرط أن يسلم السلطة علنا لدياس، وإذا ما تعهد دياس بأن يتابع مسيرة الإصلاحات.

شعر أربينز أنه مجبر على الاستقالة. ذلك أنه لم يعد يعتمد على دعم الجيش، ولأنه يستطيع أن يترك مكانه رجل يحمي منجزات الثورة.

لم نتمكن من الوصول إلى أفكار أربينز، ولكن ما هي أهمية ذلك؟ المهم أنه رحل، أما دوافعه فلتبقى بينه وبين ربه وزوجته.

في تمام التاسعة من مساء السابع والعشرين من حزيران يونيو استقال أربينز بمشيئته.

باسم من يرتكبون هذه الأعمال البربرية؟ أي ألوية يحملون؟ مع أنهم يدعون مناهضة الشيوعية، إلا أن الحقيقة تختلف تماما، فهي تكمن في المصالح المالية لشركة يونايتد فروت، إنهم يخافون أن يتكرر نموذج غواتيمالا في بلدان أخرى من أمريكا اللاتينية.

اتهامات أربينز أغضبت بوريفوي. ما كان للسفير الأمريكي بأن يسمح باستمرار الثورة. فقام بزيارة الرئيس الغواتيمالي الجديد في وقت متأخر من الليل.

قال بيريفوي لدياس: أريدك أن تثبت لي بأنك ستشكل حكومة ترضي الولايات المتحدة، والدليل على ذلك، هو أن تقوم بإعدام خمسة وعشرون شيوعيا، سأقدم لك اليوم لائحة بأسمائهم.

في منتصف الليل، أبلغ دياس بوريفوي أنه يوشك على إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، بما في ذلك الشيوعيين. اكفهرت ملامح بوريفوي، فكتب إلى مركز إدارة السي أي إيه رسالة قصيرة ومقتضبة يقول فيها: لقد خدعنا. انفجار!

في وقت مبكر من صباح اليوم التالي، قام بوريفوي بزيارة أخرى لدياس، ولكن هذه المرة لينصب عميله، كاستيو أرماس في السلطة. أجبر دياس ورجاله على الخروج من مكتب الرئاسة بالقوة على يد معارضيه العسكريين، تحت عيني بورفوي وبتوجيه منه.  لم يستمر خلف أربينز في السلطة أكثر من يوم واحد.

هذه ثورة ويجب أن تخرج، ليس أربينز وحده بل وأنت معه أيضا.

يوم الثالث من تموز يوليو من عام أربعة وخمسين، عاد كاستيو أرماس إلى مدينة غواتيمالا، على متن طائرة السفارة الأمريكية. حيث استقبل كالأبطال، بترتيب من السي أي إيه.

تحدثت الصحافة عن انتصار ثورة شعبية عارمة ضد الشيوعية.

ملحق إخباري:

اجتمع أربعمائة ألف مواطن أمام القصر للترحيب بكاستيو أرماس الذي قاد الثورة ضد الحكم الشيوعي.

يظن المرء أن الحكومة لن تخبره بالحقيقة ولكنها لن تكذب عليه علنا. ولكن هذا ما حدث فعلا.

حافظ أربينز على شموخه رغم الهزيمة. فبعد أن فتش تماما، تم نفيه مع جميع أنصاره إلى المكسيك. وكان معه على الطريق، ثوري شاب، وطبيب أرجنتيني، كان شاهدا على استسلام أربينز، اسمه إرنيستو تشي غيفارا.

=-=-=-=-=

بعد الانقلاب، أصبح كاستيو أرماس الرمز الأمريكي للحرب ضد الشيوعية. وقد رحب به نائب الرئيس الأمريكي حينها رتشارد نيكسون أجمل ترحيب. وبدا أن أرماس كان يتمتع بالمجد. ولكن ما حدث بعيدا عن عدسات الكاميرا كان يختلف كليا.

بعد العشاء، ذهبت لمقابلة كاستيو أرماس، الذي كان ثمل كليا. ذهبت إلى مكتبه، فجلس وأخذ يتحدث عن روعة وجود السيد نيكسون هنا إلى ما هنالك. فسألته ولكن ما هو حال حكومتك العتيدة؟ فقال سوف تنهشها الكلاب، ثم أضاف أخذوا معهم، كل من يعرف القراءة والكتابة. يعني بذلك أن مجموعة أربينز أخذت معها كل من يعرف شؤون الحكم والحكومة. كان يعني انهم رحلوا إلى المنفى، ولم يبقى لي إلا الحثالة.

انتهى به الأمر مثل جميع الذين تعاونوا مع الولايات المتحدة لبعض الوقت، بأن أدرك أن ذلك لم يكن في مصلحة البلاد، ليعاود التفكير بالأمر وهو يشعر بعقدة الذنب.

بعد ثلاثة أعوام من استلامه السلطة، اغتيل كاستيو أرماس على يد أحد منافسيه العسكريين، وانتهت حياته السياسية بانقلاب عسكري تماما مثل أربينز، الذي لم يعد إلى غواتيمالا، بل أمضى ما تبقى من سنوات حياته في كوبا، وسنواته الأخيرة في المكسيك، حيث غرق بشكل غامض في حوض استحمام سنة واحد وسبعين.

أما السفير بيريفوي الذي لقبته وزارة الخارجية بجندي الحرب الباردة فنقل إلى تايلند، حيث مات مع ابنه في حادث سيارة، بعد عام واحد من الانقلاب. رغم الشائعات التي تؤكد أنه قتل على يد رجال حرب العصابات، إلا أن ذلك لم يتأكد.

إعلان:

الموز فطوري المفضل...

يونايتد فروت هي المستفيد الأكبر من الإطاحة بأربينز، إذ استعادت أراضيها المصادرة، وألغيت قوانين العمل، كما استعادت الشركة أنظار ومسامع رئيس غواتيمالا. ولكن سرعان ما استنزفت الشركة بسبب مجموعة من عمليات الدمج والاستملاك. ثم غيرت اسمها لتصبح اليوم شيكيتا بانانا.

تقاعد جون فوستر دلاس عام تسعة وخمسين، أي قبل عامين من استلام كندي لزمام السلطة. كما أجبر شقيقه ألان على الاستقالة عام واحد وستين، بعد إقناع كندي بأن  التخلص من التهديد الشيوعي في كوبا، المتمثل بفيديل كاسترو،  سيكون بسهولة الإطاحة بأربينز. ولكن يبدو أن النجاح في غواتيمالا جعل السي أي إيه تبالغ في ثقتها بنفسها.

عزز ذلك النجاح الاعتقاد بأننا لا نهزم، والقول أننا قادرون على كل شيء كما يمكن أن نخدع الجميع.

في نيسان أبريل من عام واحد وستين، أطلقت السي أي إيه بمباركة كندي هجومها على خليج الخنازير. ولكن الخوف لم يتملك كاسترو بسهولة. فأقسم أنه لن يتراجع أبدا، ولن يرحل كما فعل أربينز في منتصف الليل.

تعززت قناعات كاسترو بدعم من شاب ثوري كان شاهدا على هزيمة أربينز. إرنيستو تشي غيفارا.

تحولت كوبا إلى فشل ذريع أصاب السي أي إيه. النجاح السهل الذي تحقق في عملية غواتيمالا لم يتكرر أبدا. العميل السري إي هاورد هانت الذي قاد حملة خليج الخنازير، تأكد بأن الوقت حان للرحيل.

زرعت بذور الدمار في نجاح انقلاب غواتيمالا. كانت تلك بداية النهاية بالنسبة للعمليات السرية في السي أي إيه.

بعد أقل من عشر سنوات، أودع هانت في السجن بتهمة التسلل إلى مقر الحزب الديمقراطي في فندق واترغيت، بأوامر من ريتشارد نيكسون.

أما الشعب الغواتيمالي فقد حكمه الخوف بعد الانقلاب. رزح الشعب هناك طوال عقود تحت حكم دكتاتوريات عسكرية دموية، أودت بحياة أكثر من مائة ألف مواطن.

تاريخ غواتيمالا الدموي مخيف فعلا وهذا ما لا يمكن أن يغتفر للولايات المتحدة.

النظام الذي أقامته الولايات المتحدة كان سفاح، ووحشي فعلا.

 عام خمسة وتسعين، حملت زوجة أربينز وابنه رفات أربينز إلى مثواه الأخير. وأخيرا سمح لأربينز بالعودة إلى غواتيمالا.

--------------------انتهت.

إعداد: د. نبيل خليل

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster