اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 "ملاحظات وكلمة عتاب من أحمد قاسم"
 

 

     لم تكن نكبة فلسطين عام 48 حدثاً عاراً، لقد كانت وما تزال وستبقى ارهاصا وطنياً وانسانياً وأخلاقياً وفكرياً، وبركان غضب، يلهب حماس المناضلين للثورة، والفنانين للابداع.

   ورغم أن الذكريات مريرة، والأحزان كثيرة، إلا أنه من حق الكاتب... أي كاتب أن يغترف من بئر الذكريات السحيق قدر ما يشتهي من حكايات متشحة بالسواد ومبللة بالدموع وأن يستل من رحم الفجيعة ما يمكنه من تشكيل الصورة الفنية التي يرمي إليها.

   وإنه وإن كانت بعض الفنون، وحتى بعض أنواع الكتابة لا تسعى لأكثر من جمالية الفن، فإن الكتابة عن موضوع بحجم القضية الفلسطينية، وبعمق نكبة 48، لا تمثل السريالية، والتكعيبية والتجريدية. ذلك أن الكتابة في هذا المجال، هي أولاً وقبل كل شيء رسالة ينبغي أن يكون لها هدف، وإلا كانت مجرد تجديف وهذيان وترف فكري في أحسن الأحوال.

   كتب الكثير عن نكبة 48. وما لم تكن هناك رؤية مشرقة تضيف شيئاً جديداً ومفيداً، يحتمه شرف الكتابة ومسؤولية الكلمة، فما فائدة الغوص في بحر الأحزان، إن لم تكن هناك إشراقة أمل، ورزمة ضوء تلمع غير بعيد عن مرمى العين..

   فما هو جديد " أشواك الجليل"؟؟

   في المقدمة التي كتبها ناجي معلوف يقول: وعدت إلى عبارة "مقاطع وجدانية". قلت له على الهاتف: هذه رواية تحمل في طياتها كل المقاييس، لا بل تطرح جديداً في الرؤيا، وفي الأسلوب. وكان متواضعاً كما في الإتصال الأول، وأعتبر رأيي اطراءً...

   إذن، هل كانت " أشواك الجليل" بنظر الكاتب مجرد مقاطع وجدانية، وأن ناجي معلوف اكتشف أنها رواية؟؟ إذا كان هذا واقع الأمر فتكون هذه الملاحظة العظيمة هي المفصل ويكون كاتب المقدمة هو الساحر الذي حول مجرد "مقاطع وجدانية" إلى رواية.

   ثم كيف يعطي ناجي معلوف لنفسه الحق بأن يقرر:" أشواك الجليل مولود روائي جديد على صورة زمننا ومثاله، على صورة مؤلفه الدكتور نبيل خليل ومثاله....؟ إذن.. كيف هو زمننا ومثاله؟ إنه زمن القهر والظلم والمذلة.. زمن العربدة الأميركية، والغطرسة الإسرائيلية، والتخاذل العربي. ولولا قذفة حجر وطلقة رصاص لما بقي لنا ما نتنشقه من نسيم الأمل وحكم الحرية.

   في الرواية هفوات وسقطات استعصيت على استساغتها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، سأورد بعضاً منها من منطلق "فذكر".

1ـ وصف"إخلاص" لم يكن شعرها ناعماً يطير مع النسمات، بل قاسياٌ مربوطاً نحو الخلف، يكشف عن وجه مستديرحتى الوجنتين ونصف مثلث عند الذقن يعلوه فم صغير لا يتناسق مع أنفها المدبب ووجنتيها العاليتين، لكنه ينسجم تماماً مع صغر عينيها الداكنتين". ص(55)

   وصف "عفاف": " ولم يكن شعرها ناعماً يطير مع نسمات البحر بل كان قاسياً مربوطاً نحو الخلف، يكشف عن وجه مستدير حتى الوجنتين كحبة البرتقال، ينتهي بنصف مثلث عند الذقن التي يعلوها فم صغير لا يتناسق مع أنفها المدبب ووجنتيها العاليتين، لكنه ينسجم جداً مع صغر عينيها الداكنتين...." ص(84).

   سبحان الله. هل هذا الوصف المتطابق لفتاتين مختلفتين هو وصف مقصود، وراءه سر مجهول؟ أم هي إشارة إلى أن بنات فلسطين كلهن يحملن نفس الشكل؟ على أية حال إن هذه الملاحظة هي مجرد ملاحظة وهي خارجة عن نطاق البحث.

2ـ " تذكر في تلك اللحظة شقيقته إنصاف التي جلست بانتظار زوجها حسام على محطة القطار في عكا يومياً من الصباح الباكر حتى المساء، طوال سبع سنوات متتالية تطوع خلالها للقتال إلى جانب ألمانيا في الحرب العالمية الثانية. ولكنها أصرت على طلب الطلاق بعد عودته من ساحات المعارك مباشرة حين رأته رثاً هزيلاً شاحباً لا يستحق منها لحظة شوق وألم، إذ ليس فيه شيء من زوجها الوسيم القوي الأحمر الخدين.

   أصرت إنصاف على الطلاق رغم اعتراض الجميع. فطلقها. ص 31/30.

   إن هذا الكلام ليس غريباً فقط، لكنه مرفوض أيضاً لأنه مخالف للمنطق، مخالف للتقاليد والأعراف والأخلاق وهو لا يمت أبداً إلى المجتمع الفلسطيني بأية صلة.

3ـ" اقترب بشفتيه من شعرها ليقفل بهما على جبينها الأسمر، فأبت إلا أن ترفع وجنتيها نحوه، وتلامس عيناها المغمضتان شفتيه فيفوح عطر الأنوثة من صدرها فتجعله يهبط إلى العمر السحيق في رحلة تحمله عبر أعالي القمم من براءة الطفولة إلى الفحولة.

   أخذ يضم رأسها نحوه فيندفع بشفتيه إليها. كان ينحني برأسه إلى صدرها فتضم جسده إليها حتى تذوب بين ذراعيه ليختفي بين ضلوعها ويغرق في بحرمن الندى يبللها عرق الحياء وحرارة الشوق..."

ترى، من يجد في هذا الكلام وصفاً مناسباً لأم ملهوفة تضم إليها طفلها بعد طول غياب؟

4ـ "فتح عينيه ذات صباح بين أزقة تقرع فيها الطبلة طوال ليل دامس تعلن أفراح أعراس ومواليد وهدر للدم أو التبرع به وزفاف ريعان الشباب إلى سماء تسعى طوال خمسين عاماً وراء فجر رمادي يوشك على البزوغ مرة ليخلصه من هذا الوطن البديل..."

   ماذا يعني هذا كله وإلام ترمز هذه الخمسين عاماً؟

5ـ "... وغاص في التفكير حتى غرق في نوم عميق. لاحظ القروي ذلك فنزل عن دابته دون أن يوقفها ولف لجامها على غيقها ثم أمسك بلجام دابة صالح بعد أن تأكد من نومه، واقتادها ببطء وبحركة نصف دائرية واسعة نحو الإتجاه المعاكس.

   ترك الدابة تتابع مسيرتها معتمدة على غريزتها في معرفة طريق العودة نحو نقطة الانطلاق حيث منزل القروي، في حين تابع هو رحلته لقضاء الحاجة التي ذهب من أجلها إلى القرية الحدودية المحاذية لوطنه والمطلة على القرى والمدن التي أجبرت أمه وأمته على مغادرتها."

   ليس هنالك لبس ولا غموض في هذا السرد البسيط حتى السذاجة..إذن.. إن الذي تابع المسيرهو القروي، وبذلك لا تكون القرى والمدن التي أجبرت أمه وأمته على مغادرتها.. وإنما التي أجبرت على مغادرتها هي أم صالح الذي عاد نائماً إلى نقطة الانطلاق.

   هل هناك المزيد من العثرات؟ نعم، ولكن كل ما سبق ليس أكثر من ملاحظات جانبية.. مجرد ملاحظات خارجة عن إطار البحث..

   عودة إلى الرواية.

   النماذج النسائية:

1ـ إخلاص، إبنة الخمسة عشر عاماً، تزوجت ابن عمها ثم تركته يسافر مع أهله إلى الأردن بينما توجهت مع أهلها إلى لبنان.. بعد أسابيع قليلة ضبطها والدها مع ابن صاحب البستان الذي يستأجر فيه بيتاً..

   ثم أصبحت حاملاً ثم ولدت صالح.. ومن ثم تزوجت كفاح.

2ـ إنصاف.. التي طلبت الطلاق من زوجها لأنه لم يعد أحمر الخدين.

3ـ عفاف ابنة صقر الأبتر التي فقدت عذريتها في ظروف غامضة ثم أنجبت طفلة مجهولة المصير.. ثم تزوجت كفاح هي الأخرى.

4ـ القابلة ام علي الحدقة.. عادت إلى عكا وهي تحمل أطفالاً مجهولي الهوية وتاريخ الميلاد..

   هل كان اختيار الأسماء مقصوداً؟ لماذا كانت اخلاص خائنة لعهد زوجها وشرف والدها؟ ولماذا كانت انصاف غير منصفة مع زوجها.. ولماذا كانت عفاف غير عفيفة؟ ومن أين جاءت القابلة بالأطفال المجهولي الهوية.؟ ثم هل هذه العينات من النساء يمثلن بالفعل المجتمع الفلسطيني؟ أين العينات الطيبة من النسوة اللواتي أنجبن الكثيرين من الأدباء والشعراء ورجال الفكر وخيرة الأطباء ورجال المال الذين ساهموا في إثراء الحياة الأدبية والسياسية والمالية في بلاد العرب وأوروبا وأمريكا والأمثلة تفوق الحصر. لماذا التجني وتصوير المجتمع الفلسطيني بمثل تلك القسوة التي لم نشهد لها مثيلا حتى في أدبيات الأعداء. إن النساء الفلسطينيات... أمهات الشهداء هن مفخرة ليس لشعبنا فقط وإنما هن باعتراف الأعداء قبل الأصدقاء أمثلة نادرة للوفاء والإخلاص والتضحية.

   النماذج الرجالية:

1ـ شرف الدين.. تاجر يعود إلى عكا... يأخذ النقود من درج دكانه وفي نيته أن يفتح دكاناً في صور.. رفض إعطاء مفاتيح دكانه في عكا إلى أخته.. ضبط ابنته مع ابن صاحب البستان " ولم يجد أمامه سوى الصمت والكتمان" ص. (33).

2- صقر الأبتر.. ضابط مغوار حارب اليهود ثم انتهى به المطاف عندما عجز عن تحمل مأساة ابنته  "عفاف" وخاف على نفسه وعلى سمعته فتوارى عن الأنظار كلياً.. ص(140)

3ـ وسام، (شقيق شرف الدين) أحب يهودية وعاش معها دون أن تعتنق الإسلام.. وبقي في عكا.

4ـ صالح.. ابن إخلاص.. اليتيم الأعور الذي يحمل كل التناقضات.

   كفاح... أهم أبطال الرواية.. تزوج من إخلاص ومن عفاف على التوالي وظهر كشخصية متناقضة تثير الإعجاب حيناً والسخرية حيناً آخر.

   أما شرف الدين فلم يعد له أي دور في الرواية بعد زواج ابنته من كفاح. وصقر الأبتر أثر الانسحاب من حياة عائلته والهرب، وإنه وإن كان شوهد فيما بعد يرتدي بدلة ضابط فإنه ضابط لبناني( ولا ندري كيف حصل هذا التحول في حياته) بعيد عن أهله طائعاً مختاراً. ورغم أن الكاتب قد ركز كثيراً على شخصية صالح، فإنه انتهى مجنوناً وقعيداً وتسلية للناس.

   ولا أعرف لماذا تم تصور كفاح الذي باع بقرته الوحيدة وأساور زوجته كي يشتري بندقية يدافع بها عن أرضه، وكيف أنه عايش استشهاد زوجته ووالديه، ثم عانى هو شخصياً من إصابة بالغة، لا أعرف ما هي الحكمة من تصويره كزير نساء ثم زيادة في التحقير اتهم بالاشتراك في شبكات للدعارة..

   ولا يخفف من الأمر شيئاً قول الكاتب فيما بعد:" بقول البعض أن ما أشيع عن سوء سمعته من صنع الشرطة في المخيم."

   حتى كفاح وصل إلى نهاية الرواية ضعيفاً... ومشلولاً.

   أما من عينه واحدة تحمل بشرى لغد أفضل.. أين النماذج السوية.. كيف انطلقت الثورة ومن أين استمدت وقودها؟. أين المدارس؟ أين المساجد؟ وأين الأحزاب؟ في الرواية؟

   ثمة أشياء كثيرة لم أتطرق إليها، خاصة بعد الصفحة(141) حيث كانت هناك فرصة لترك القارئ يتخيل شيئاً لم يخطر ببال الكاتب.. مثل أن يترك لكفاح وعفاف فرصة لبدء حياة جديدة وكريمة..

   ثم وما زلت لا أجد جواباً لتساؤل ملح.. لماذا كان كفاح عقيماً؟؟ ألم يكن من الأفضل لمجرى الرواية لوانه لم يكن كذلك واتيحت له فرصة الانجاب وكان له أبناء لعل أحداً منهم يحمل يوماً ما بصيص أمل بمستقبل أفضل؟ لماذا هذه السوداوية؟

   ولماذا هذا الاحباط وماذا أراد الكاتب أن يقول؟

   ورغم كل ماسبق فقد كانت تفوح من بعض الصفحات أجواء خلابة ذكرتني بكل من غسان كنفاني في روايتي" ما تبقى لكم" و"عائد إلى حيفا". الطيب صالح في روايتي: "عرس الزين" و"موسم الهجرة إلى الشمال". وإميل حبيبي في رواية" الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد ابي النحس المتشائل".

   ويبقى تساؤل أخير.. ماذا أضافت مقدمة ناجي معلوف إلى" أشواك الجليل"؟ وماذا أضافت" أشواك الجليل" إلى الرواية العربية عموماً والرواية الفلسطينية خصوصاً؟.   

                                                 أحمد قاسم

© 2004-2009. All Rights Reserved-كافة الحقوق محفوظة للمؤلف

كلمة حفل التوقيع

 

[محتويات]  [إهداء]  [شكر]  [مقدمة] 
[الفصل الاول]  [الفصل الثاني]  [الفصل الثالث]  [الفصل الرابع]  [الفصل الخامس] 
[الفصل السادس]  [الفصل السابع]  [الفصل الثامن]  [الفصل التاسع]  [الفصل العاشر] 
[الفصل الحادي عشر]  [الفصل الثاني عشر]  [الفصل الثالث عشر]  [الفصل الرابع عشر] 
[ملاحظات وعتاب] [كلمة حفل التوقيع]  [كلمة وزير الثقافة] 
[نص الوكالة اللبنانية للأخبار]  [نص جريدة المستقبل]  [كلمة رفعت شناعة]  [نص جريدة الديار] 
[نص جريدة البيرق]  [نص جريدة اللواء]  [نص جريدة البلد]  [نص جريدة الشرق] 
[كلمة سلوى سبيتي]
  [كلمة د.نبيل خليل]  [صحيفة صدى البلد] 
[حفل توقيع الكتاب في بيروت]  [حفل توقيع الكتاب في صيدا] 

 

 
 
 
 



 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster