اتصل بنا

Español

إسباني

       لغتنا تواكب العصر

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة | | اتصل بنا | |بريد الموقع 

 
 

 

 

 

 أربط بنا

وقع سجل الزوار

تصفح سجل الزوار

 أضفه إلى صفحتك المفضلة

 اجعله صفحتك الرئيسية

 
 
 
 

 

 

 

 
 ملف الانقلابات العربية
الجزيرة، برنامج أرشيفهم وتاريخنا- الحلقة الخامسة
 

09-02-2007

 

ملف الانقلابات العربية.. القوى الكبرى ج5
ضيوف الحلقة:
- فريموت زايدل/ دبلوماسي سابق في عدة دول عربية
- ممدوح رحمون/ مؤرخ مهتم بالشأن القومي
- مكسيم شيفشنكو/ رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية
- كاظم حبيب/ مؤرخ عراقي مقيم ببرلين
- تشارلز تريب/ خبير في شؤون الشرق الأوسط
وآخرون
تاريخ الحلقة: 9/2/2007

- القوى الغربية والسياسة السورية
- تصارع الأقطاب على الشرق الأوسط
- علاقات الاتحاد السوفياتي بدول المنطقة
- المواقف الغربية من الانقلاب المصري

" إن طاقتي في التحمل بلغت النهاية ..
فقد طفح الكأس.. ويشاركني في
مشاعري كافة المسؤولين العرب في العالم
لقد سبق أن نصحناكم مرارا بضرورة
إنصافنا وحل قضيتنا قبل أن يستفحل الأمر..
ولكنكم تجاهلتمونا"

نوري السعيد

[تعليق صوتي]

إنها المنطقة الأكثر اضطرابا وسط العالم المستقر المتحضر المتمتع بالقوة والثراء والرقي وأيضا بالنفوذ المتغلغل وسط الاضطرابات والقلق.

ملف الانقلابات العربية

[تعليق صوتي]

التفاوض والتنسيق أو الاعتراف وربما تقديم الدعم اللازم والمشروط للانقلابيين بعد الانفراد بالسلطة كانت صور متباينة للمواقف الدولية من الأحداث الإقليمية التي عصفت بالمنطقة، كيف تمت بعض هذه التوافقات وكيف دارت بعض المؤامرات؟

الجزء الخامس

القوى الكبرى

القوى الغربية والسياسة السورية

[تعليق صوتي]

جميل مردم بك رئيس الوزراء السوري الراحل عاصر المقدمات الأولى لكل الوقائع السورية وقدم لها تشخيصا مبكرا يستحق الإشارة بحسب ما يرد في الوثيقة الفرنسية المرسلة من السفير الفرنسي في دمشق إلى وزارة الخارجية في باريس في السابع عشر من يناير / كانون الثاني عام 1947 والتي كُرست للاستعراض آرائه حول ضلوع إنجلترا في السياسة السورية ورسم خريطة المنطقة وكيف أن حكومة الجابري أوصلت البلاد إلى الاستقلال فعلا، إلا أن ذلك حصل لأن الإنجليز أرادوا دحر الفرنسيين من المنطقة ومع ذلك فإن هذا لا يعني بالضرورة أن هؤلاء الرجال الذين سعوا إلى الاستقلال كانت لديهم النية بإتباع السياسة الإنجليزية بمفردها بل ربما الاستفادة منها ولو جزئيا، في النهاية تتحدث الوثيقة عن قيام الجنرال الإنجليزي كليتون بفرض جميل مردم بك على المعادلة السياسية القائمة وتأكيدها أن مستقبل الحكومة السورية أصبح مرتبطا بالإرادة الإنجليزية.

ممدوح رحمون - مؤرخ مهتم بالشأن القومي - دمشق: يطرح سؤال عادة أنه هل للسفراء في أي بلد عربي أو غير عربي لهم نشاطات أو لهم تأثير، في حدود بأعلم في المنطقة العربية لهم كل التأثير، عدنا بالتاريخ للخمسينات.. لأوائل الخمسينات كان هناك في بيروت عالم كبير جدا هو المرحوم عبد الله العلايلي وكان يكتب في الصحف في ذاك الوقت وأنا كما قلت سابقا كنت في الإعلام، قرأت مانشيت لفت نظري في جريدته كانت كل شيء قال فيها كانت بلادنا تدار بمندوبيات فأصبحت تدار بسفارات.

[تعليق صوتي]

ربما كانت كثرة الانقلابات السورية وتواليها عاملا مربكا للخطط الغربية في المنطقة وهو ما عاشته المنطقة بعيد انقلاب سامي الحناوي ومقتل حسني الزعيم إذ سارعت وزارة الخارجية في واشنطن عبر مذكرتها في التاسع عشر من سبتمبر / أيلول عام 1949 إلى الرئيس الأميركي حول الاعتراف بالحكومة السورية معلنة.. ذكرت حكومتا بريطانيا العظمى وفرنسا أنهما على استعداد للاعتراف بالحكومة الجديدة وترغب في تنسيق وقت الاعتراف مع الولايات المتحدة وعدد من الحكومات الأخرى ترغب في فعل المثل، استمرار التوقف المؤقت للعلاقات الدبلوماسية سيؤدي إلى مشاكل في إتمام المشاريع التي تهتم بها الدول الغربية.. على سبيل المثال الاستعدادات الدبلوماسية لتسهيل عمل مهمة لجنة المسح الاقتصادي للمصالحة الفلسطينية لن يكون كافيا أن تتولاها بعثتنا في دمشق من دون اتصالات رسمية مع الحكومة الجديدة وبعد تقييم كل العوامل فأنا اقترح أن تعترف الولايات المتحدة بالحكومة السورية خلال الأيام القادمة.

"
خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي لم يلعب البريطانيون دورا هاما في زعزعة استقرار المنطقة بل كانوا يفضلون بعد مغادرتهم أن تكون المنطقة هادئة ومستقرة، أما فرنسا فظلت محافظة على سياستها الاستعمارية
"
دينيس بوشار

دينيس بوشار - دبلوماسي سابق - إدارة الشرق الأوسط في الخارجية - باريس: أعتقد أنه في تلك الفترة ما بين عامي 1950و 1960 لم يلعب البريطانيون دورا هاما في زعزعة استقرار المنطقة بل على العكس فكونهم كانوا في مرحلة تراجع كانوا يفضلون بعد مغادرتهم أن تكون المنطقة هادئة ومستقرة، أما بالنسبة لفرنسا فإن سياستها كانت واضحة في الخمسينات وكما قلنا في عهد الجمهورية الرابعة حصلت عدة محاولات تدخل مباشرة يائسة في السياسات الداخلية العربية ويمكن تصنيفها في خانات ذيول الاستعمار.

[تعليق صوتي]

استمر سيل الوثائق الأميركية على مدار السنوات التالية لكي يؤكد التنافس الدولي على النفوذ في سوريا، ففي وثيقة أميركية مؤرخة في الأول من شباط / فبراير عام 1950 صادرة عن السفارة في لندن إلى الخارجية في واشنطن لتؤكد بأنه لا يزال هناك محاولات عراقية للتدخل في الشؤون السورية وهي بالتالي تشكل دعما لمركز بريطانيا في المنطقة في الصفحة التالية للوثيقة ذاتها تبرر كثرة الانقلابات في سوريا على أنها محل تجاذبات بين الدول العظمى لعدم ارتباطها المباشر بأي منها وبالتالي أصبحت تشبه حقل التجارب من قبل مختلف الدول الكبرى التي تحاول فرض نفوذها هناك، كما تقدم الوثيقة اقتراحا باستعمال الإعانات الاقتصادية كوسيلة لجذب الرأي العام السوري نحو دعم النفوذ الأميركي هناك، تلك الإعانات التي تحدثت عنها الوثيقة يفصلها كتاب مأساة الكونت لويس دوسان سفير بلجيكا في سوريا لرجل المخابرات السوري السابق سامي جمعة الذي يقول إنها كانت تكمن في مركزين تابعين للمخابرات الأميركية يعمل الأول تحت غطاء مؤسسة فور فونديشن والثاني تحت اسم جمعية أصدقاء الشرق الأوسط الأميركية، اقتصرت أنشطة الأولى على ريف دمشق تمهيدا لانتشارها في بقية أرياف سوريا، أما جمعية أصدقاء الشرق الأوسط فكانت نسخة عما عُرف بجيش السلام فقد مارست نشاطاتها في دمشق وكان هدفها تجنيد العديد من الشبان وحفنة من صغار العسكريين السوريين.

ممدوح رحمون: إحدى الدول الغربية كانت تسعى جاهدة لإخراج سوريا من بوتقة الاتحاد السوفييتي.. السؤال سؤال كثير دقيق والجواب كمان أدق وحتى هذه اللحظة.. مو ذاك الوقت، حتى هذه اللحظة بيحاولوا يفصلوا سوريا عن مصر بأي ثمن وبكل أسف تثنى لهم ذلك بشكل كبير في الوقت الحاضر أما الأوروبيين بشكل أوسع بيفضلوا تكون سوريا بأحضانهم وبأحضان غيرهم.

[تعليق صوتي]

عاش النفوذ الفرنسي حالة من الترقب الدائم لما تشهده سوريا من متغيرات تهدد بخروجها من دائرة ذلك النفوذ وهو ما تعكسه وثيقة فرنسية بتاريخ الرابع من ديسمبر عام 1951 واردة إلى وزارة الشؤون الخارجية من شاتينيو السفير لدى موسكو ليقول تحت عنوان رابع انقلاب في سوريا، نشرت الصحافة السوفييتية اليوم على نصف عمود ما تلقته من مراسلي وكالة تاس حول الوضع السوري ولم يعدم أن يثير اهتمامنا أن مراسلي لندن والقاهرة يقدمون العقيد الششكلي على صورة عميل أميركي يتمثل دوره في إرغام الشعب السوري بالإرهاب على تقبل مقترحات القوى الغربية فيما يخص سياساتها العدوانية في الشرق الأوسط.

مكسيم شيفشنكو - رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية- موسكو: أعتقد أن هذه الدول كانت بمثابة أدوات ذلك أن دولة عربية واحدة لم تكن تمتلك الاستقلالية السياسية الكاملة، بينما كانت تقف وراء هذه الأحداث أجهزة استخبارات أو نخب الدول العظمى وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة وبريطانيا وكذلك فرنسا بنسبة أقل.

[تعليق صوتي]

يبدو أن الفرنسيين كانوا الأكثر تضررا من تلك المنافسة الدولية إذ إن الأمر يتعلق بمستعمرة سابقة أصبحت في مهب الريح بين المطرقة البريطانية والسندان الأميركي وسط رياح قومية إقليمية وسخونة الحرب الباردة التي لم تعد في صالح أي من العواصم الثلاث.. ما دفع باريس إلى إرسال برقية وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية في التاسع عشر من ديسمبر عام 1951 إلى السفارة الفرنسية في واشنطن والتي تقول.. لقد اطلعت باهتمام كبير على اقتراح وزارة الخارجية الأميركية الموجه إلى ممثلها في دمشق بشأن التنسيق المستقبلي في سوريا بين تحركات القوى الأربع المحرضة على مشروع القيادة في الشرق الأوسط، إنني أعتقد أن مثل هذا التنسيق أمر مرغوب فيه بهدف زيادة فاعلية جهود تلك القوى الراغبة في التأثير على تطور سوريا ودفعها نحو الغرب ومع ذلك فلا يجب أن نتغافل عن أن التطور السوري سيكون بالضرورة بطيئا وأن الحكومة الجديدة التي لم يمض على قيامها شهر تتعامل مع رأي عام لم يزل مرتبطا بتحيزات المجتمعات الإسلامية ويشعر بريبة شديدة تجاه المبادرات الغربية.

كاظم حبيب - مؤرخ عراقي مقيم ببرلين - برلين: في هذه الفترة بالذات كان هناك صراعا قويا على سوريا.. من يستطع أن يؤثر؟ ولاحظت فرنسا أن الدول الغربية وأميركا وبريطانيا تريد أن تؤثر وتريد أن تسيطر.

فريموت زايدل - دبلوماسي سابق في عدة دول عربية- برلين: من الصعب تقييم التطورات في تلك الفترة، لكن التخمينات الفرنسية كانت تركز في الأساس على كيفية الحفاظ على مجال تأثيرها السياسي القوي في سوريا وحتى في حال فقدان مجال التأثير هذا فالجهود كانت تنصب في الاتجاه الذي يبقيها على الأقل بيد أيدي الحلفاء.

[تعليق صوتي]

لا نزال في سوريا حيث تطور طرق التدخل وهو ما يوضحه مرة أخرى كتاب مأساة الكونت لويس دوسان ذاكرا.. في تلك الآونة من عام 1957 كان سفراء دول حلف شمال الأطلسي في سوريا يجتمعون أسبوعيا فيتبادلون المعلومات ويتدارسون التعليمات الواردة من حكوماتهم لتنسيق خطواتهم بما يحقق مشاريع دولهم في سوريا بالإضافة إلى قيامهم بالتنسيق والتعاون مع أقرانهم من سفراء دول الحلف في دول شرقي البحر الأبيض المتوسط للغرض نفسه.. ويتابع الكتاب إن السفير البلجيكي قام بتسليم محضر اجتماع لسفراء الحلف مع القرارات المتخذة خلال الاجتماع وأهم ما احتواه المحضر المراحل التي قطعتها عملية الرصافة الهادفة للقيام بعمل عسكري وشعبي لتغيير نظام الحكم في سوريا وهي عملية كما يقول الكتاب اتفقت بموجبها المخابرات البريطانية والأميركية بخطوة غير مسبوقة وعلى خطة واحدة لقلب نظام الحكم في سوريا والتي عُهد إلى أحد كبار ضباط المخابرات في الجيش العراقي الإشراف عليها وقد أُطلق هذا الاسم على العملية تيمنا بحي الرصافة في بغداد حيث مقر السفارتين البريطانية والأميركية.

تشارلز تريب - خبير في شؤون الشرق الأوسط: أنا أستبعد وجود مؤامرة كبرى في عام 1957 لكنني أعتقد أن هذا الشعور قادم من سوريا التي تنظر لنفسها كملعب لكل أنواع القوى والمؤامرات.

جوديث كيبر - مدير العلاقات الخارجية في الخارجية - واشنطن: إن أي دولة لديها تمثيل دبلوماسي مع دولة ما تحاول الحصول على ما يمكن من المعلومات عن هذه الدولة وفي هذه الحالة كانت لديهم معلومات استخباراتية جيدة.

[تعليق صوتي]

جاء الكشف عن تلك الوقائع ليوتر العلاقات بين سوريا والولايات المتحدة إلى مستويات لم يسبق لها مثيل بحسب ما تعكسه مذكرة الثالث عشر من آب / أغسطس عام 1957 الموجهة من قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية إلى وزير الخارجية في واشنطن وفيها.. تمادت الحكومة السورية في الشهور الماضية في الموقف العدائي تجاه الولايات المتحدة الأميركية ومؤخرا أصبحت تكون روابط قوية مع الاتحاد السوفييتي، فقد قامت بالخطوات التالية.. أصدرت في الثاني عشر من أغسطس من خلال الإذاعة التي تتحكم فيها الحكومة السورية بيانا رسميا تتهم فيه الولايات المتحدة بالتآمر للانقلاب على الحكومة الحالية، أورد البيان اتهامات وٌجهت بالاسم إلى هوارت ستون القائد بالأعمال والمستشار السياسي للسفارة الأميركية وافرانك جون مساعد مستشار في السفارة، إيقاف وتفتيش السيارات التابعة للسفارة الأميركية على الحدود السورية في الثاني عشر من أغسطس محاصرة منطقة السفارة الأميركية في دمشق في الثاني عشر من أغسطس بحوالي ثلاثين من قوات الأمن السوري المسلح وكخطوة تصعيد نهائي قامت الحكومة السورية بإعلان في الثالث عشر من أغسطس بأن هوارت ستون وفرانك جون والملحق روبرت مولاي هم أشخاص غير مرغوب فيهم يجب أن يخرجوا من البلاد بحول الثانية عشر من ظهر الأربعاء الرابع عشر من أغسطس، أعتقد أننا يجب أن نتصرف سريعا وبشكل حاسم للرد على هذه الأفعال العدوانية الواضحة من قبل الحكومة السورية.

جوديث كيبر: لا أعلم تماما ماذا فعل أو قالت وزارة الخارجية في ذلك الوقت ولكن بالتأكيد فقد كان التواجد والاهتمام الأميركي آنذاك محدود في الدول العربية بشكل خاص ومن الممكن جدا أن تكون تلك الحوادث قد مرت دون علمنا حيث أنه لم يكن لدينا اهتمام بسوريا.

تصارع الأقطاب على الشرق الأوسط

[تعليق صوتي]

في ذروة الصراع القطبي على العالم وبالذات تلك المنطقة الحيوية في قلبه ما كان الاتحاد السوفيتي أن يقف مكتوف الأيدي حيال تلك الوقائع، هذا ما تثبته إحدى الوثائق السوفيتية التي حصلنا عليها من جولة بحثية سابقة وتستعرض وقائع المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الخارجية السوفيتية آنذاك أندريه غروميكو بتاريخ العاشر من أيلول / سبتمبر عام 1957 ويبدؤه بسؤال موجه من صحيفة البرافدا حول تعليقه على حملة الولايات المتحدة وإنجلترا وتركيا ضد سوريا حيث يتحدث غروميكو عن مؤامرة تحاك ضد الحكومة السورية وقد تم الكشف عنها بأيادي أوساط أجنبية قد يقصد السفير البلجيكي الكونت لويس دوسان، المؤامرة كانت تهدف للإطاحة بالحكومة الحالية في سوريا واستبدالها بحكومة رجعية صنيعة تخدم أوساط أجنبية احتكارية وقيادة سياسة تخدم مصالح الدول العظمى الاستعمارية ويضيف أن الصحف الأجنبية أثارت قضية أن هذه الأوساط الأجنبية التي نظمت المؤامرة لم تعد تثق بعملائها داخل سوريا محاولةً القيام باستفزازات على الحدود السورية لتدخل عسكري داخل البلاد ويتحدث عن الدبلوماسي هندرسون في جولته الأوسطية مبعوث لآيزنهاور ودالاس أن الصحف الأميركية لم تخف بان مباحثاته في تركيا ولبنان تهدف إلى خنق الحكومة المستقلة في سوريا، هذه الجولة تؤكد بطابعها كيف يتحرك الآباء الروحيون للمؤامرة ضد سوريا التي تقع الآن مثل مصر في هذه الفترة في الخط الأول للنضال البطولي الذي تقوم به شعوب الشرق ضد الاستعمار ويقول إن الأميركيين يسعون إلى تحقيق هذا المخطط بمساعدة بعض الدول العربية مثل العراق والأردن ولبنان ويستكمل أن الحشود العسكرية التركية على حدود سوريا والسعي إلى فرض حصار اقتصادي يُعتبر بمثابة تهديد بتدخل عسكري في الشأن الداخلي السوري ويأمل بأن ثمة أناس في تركيا يقفون ضد مخططات الإمبريالية الضاغطة على شعوب المشرق، ثم يختتم بأن ما يحدث حول سوريا هو جزء من مخطط دالاس آيزنهاور.

مكسيم شيفشنكو: هنا علينا ملاحظة أن أكثر ما يرعب الغرب الذي سعى إلى احتلال الشرق الأوسط وربطه بعجلة الاستعمار هو ظهور أية أفكار وحدوية سواء أكانت على أساس ماركسي أو على أرضية الإسلام، كل ما يجعل من العالم العربي وحدة متكاملة سياسية في المشهد الدولي يسعى الغرب دائما لتدميرها بأشكال سياسية أو عسكرية مختلفة أو غيرها.

[تعليق صوتي]

ما كان زعماء الكرملن ليكتفوا بالمواقف والتصريحات أو عقد مؤتمرات صحفية دعائية فحسب بل كانت حملاتهم الإعلانية تأتي مترافقة مع أفكار اقتصادية وسياسية حثيثة تستهدف إدخال سوريا ضمن الفلك السوفيتي وأهدافه في المنطقة وهو ما تعكسه خطة مشروع حول المفاوضات مع الرئيس السوري شكري القواتلي أعدها قسم الشرق الأوسط والأدنى في الخارجية السوفيتية يوم الثاني والعشرين من أكتوبر عام 1956 والتي حصلنا عليها أيضا في جولات بحثية سابقة وهي تحمل عناوين السلام في المنطقة، السياسة السوفيتية في المنطقة، اتفاقية صداقة كما مع أفغانستان واليمن، مساعدة السوفيت لسوريا، تكشف الوثيقة تطابق وجهة نظر السوفيت مع وجهة نظر الحلف الغربي حول سوريا إذ تتحدث بالمثل عن غياب سياسة موحدة في سوريا وأن هناك قوى ضد العلاقات مع موسكو وضرورة الحديث مع القواتلي حول الشؤون الدولية بما في ذلك العلاقة السورية الصينية ومسألة الحد من أسلحة الدمار الشامل، الطلب منه بتوسيع دور سوريا ضد حلف بغداد، مسألة السويس في الأمم المتحدة والمساعدة في التسوية، الحديث عن دعم موسكو لحركات التحرر في المغرب والسودان وتونس لشده إلى صفها.

مكسيم شيفشنكو: بالنسبة إلى الاتحاد السوفيتي سواء كان الاستناد على القوميين أو الشيوعيين وإن كان يعتقد أن اعتماده على القوميين أسهل بالنسبة إليه.. مع الشيوعيين كان لابد من تنسيق مع المواقف السياسية خلال القنوات الشيوعية عبر قنوات أيديولوجية، على كل حال كانت هناك تجربة الكومنترن في العشرينيات، فيما القوميين كانوا بمثابة قطعة النقود التي كان يمكن للسوفيت استخدامها ضد الإمبريالية.

[فاصل إعلاني]

علاقات الاتحاد السوفياتي بدول المنطقة

[تعليق صوتي]

السوفييت.. نموذج سياسي محير ومستغلق على الفهم إذ تتراوح تحركاتهم على الدوام بين التردد والشك والريبة وهو ما يستتبع بطئ في ربط العلاقات وتوثيقها مع الدول التي تهمهم في إطار مد النفوذ الخارجي نحوها وهو ما نرى مثالا جليا له في العلاقة مع مصر، كانت العلاقات المصرية السوفيتية قد اكتملت وفق ما ورد في وثيقة تحمل تاريخ التاسع من أيلول / سبتمبر 1943 التي تقول على امتداد الفترة الأخيرة قام نائب المفوض الشعبي في وزارة الخارجية مايسكي ورئيس الوزراء وزير خارجية مصر مصطفى النحاس باشا باسم حكومته بتبادل الخطابات وفي المحصلة بدأت منذ السادس والعشرين من أغسطس عام 1943 عملية بناء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، الاتفاق المنجز يقضي بتبادل السفراء في الفترة القادمة، من الواضح أن موسكو بقيت على مستوى من الترقب تجاه ما يجري حتى مراحل متقدمة نسبيا من عمر الثورة المصرية بل قد يذهب البعض إلى أنها لم تشهد تحسنا فعليا إلا بعد وصول جمال عبد الناصر إلى سدة الحكم وهنا تعرض وثيقة الخارجية في الثامن من أيلول / سبتمبر عام 1952 لهذا التردد حيث تتحدث الوثيقة عن لقاء جرى بين نائب رئيس قسم الشرق الأوسط والأدنى في الخارجية السوفيتية شيبورين والدبلوماسي السوري في موسكو أزهري وتؤكد الوثيقة أن السوفيتي كان يستمع إلى السوري من دون تعليق بينما يوضح الأخير أنه ليست لديه معلومات واضحة عن الأحداث في مصر علما بأن الوثيقة تصنف الأحداث التي شهدتها مصر بأنها ليست ثورة بل انقلاب وأن الأحداث التي تلتها أفادت الأميركيين.

مكسيم شيفشنكو: هذا صحيح فالاتحاد السوفيتي ظن أن انقلاب ناصر تم بدعم أميركي.. هذا تحليل دقيق، المسألة تكمن في أن ناصر في وقت لاحق خرج عن السياسة الأميركية وأخذ يتقرب من الاتحاد السوفيتي.

بافل أكوبوف - رئيس رابطة قدامى الدبلوماسيين - موسكو: شرحت سابقا أن ما حدث في مصر كان ثورة وليس انقلابا وهذه وجهة نظري ورأيي العميق لأنها قد غيرت البنية الاقتصادية، البنية السياسية والبنية الاجتماعية ولهذا فمن الطبيعي أنها ثورة.

[تعليق صوتي]

ظل الشك والريبة يراودان السوفييت طوال الفترة الأولى من الثورة المصرية وانعكس ذلك عبر أول لقاء لموفد الخارجية السوفيتية كوزيروف والذي عقده في التاسع والعشرين من يناير عام 1953 مع الجنرال نجيب وقد استغرق اللقاء حوالي 45 دقيقة ويقول كوزيروف إنه كل ما حاول القيام للخروج كان نجيب يطلب منه البقاء لمناقشة أمر ما ثم يتحدث عن سوء صحته وعمله المضني وأنه كان يعتبر ستالين مثله الأعلى لتحقيق أهداف شعبه، ثم يؤكد الموفد أنه لم يجب على سؤال نجيب فيما إذا كان السوفييت مستعدين لمساعدة مصر مكتفيا بأن موسكو دعمت الدول العربية بما فيها مصر بتأييد تحررها من الاستعمار في الأمم المتحدة ثم يعرب عن تهكمه من سؤال نجيب عن استعداد موسكو لبيع طائرات ودبابات إلى مصر، أجابه الموفد السوفيتي إن الطائرات ليست كالمواد التجارية المعروضة للبيع، يغير نجيب الحديث ثم يقول إنه يحاول تعلم الروسية سعيا إلى التقارب وحين خرج إلى الصحفيين اكتفى السوفيتي بالقول إنها كانت زيارة بروتوكولية للمجاملة ثم يختتم برقيته بالقول إن نجيب أراد أن يكون لهذه الزيارة واقع ديماغوغي داخل مصر وإن الرجل يحاول تبرير سياسته الهادفة إلى حشر مصر في حلف معاد للسوفييت والإيحاء بأنه كان مجبرا على شراء الأسلحة من الأميركيين.

"
كانت هناك سلسلة من بلدان المنطقة التي لم تعول في بداياتها على الاتحاد السوفياتي والمعسكر الشرقي، بل على العكس فقد كانت معادية للشيوعية بحيث أن إحدى الخطوات الأولى لثورة ناصر تجلت في حظر الحزب الشيوعي
"
فريموت زايدل

فريموت زايدل: كانت هناك سلسلة من هذه القوى التي لم تعول على الأقل في بداياتها على الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشرقي، بل على العكس فقد كانت معادية للشيوعية بحيث أن إحدى الخطوات الأولى لثورة ناصر تجلت في حظر الحزب الشيوعي.

مكسيم شيفشنكو: الاتحاد السوفييت في باطن الأمر أعاق كل الحركات التقدمية التي كان يرى أنها لن تدور في فلك السياسة التي تحددها موسكو، فالاتحاد السوفييتي أشعل بيد النزاعات الدولية وباليد الأخرى أطفا شعلة الحركات التي تسعى لتجسيد ثورات حقيقية فهو لم يكن بلدا ثوريا.

[تعليق صوتي]

تردد الأنباء عن تفكير إنجلترا في القيام بمؤامرة ضد الثورة بمعاونة عناصر من الداخل وهو ما أدى إلى حملة واسعة من الاعتقالات والقرارات السياسية العاصفة في مصر ويبدو أن موسكو اعتبرت ما يجري بمثابة تأكيد لما لديها تجاه الثورة، في الرابع عشر من مارس عام 1953 نشرت وكالة الأنباء السوفييتية الحكومية أنباء عن الجريدة السويدية نيو داغ تتحدث فيها عن مؤامرة أعدت ضد الجنرال نجيب قائلة إنها من إعداد وتنظيم بريطاني وإن إنجلترا دفعت مقابل ذلك مليون جنيه إسترليني لتنفيذ الانقلاب وتبرز الوثيقة الإعلامية أن السفير الأميركي كافري حذر نجيب من المؤامرة ودعاه إلى عدم ذكر دور إنجليزي فيها ويختتم تقرير تاس بأن الأميركيين أعطوا توجيهات إلى محمد نجيب كي يستغل قصة المؤامرة الانقلابية لملاحقة التيارات والأوساط التقدمية في البلاد.

دينيس بوشار: الحرب الباردة كان لها ذيولها في الشرق الأوسط كما في بقية أنحاء العالم، انطلاقا من ذلك سنشهد تواجدا أميركيا أعظم في المنطقة، بينما كان الأميركيون حتى الحرب العالمية الثانية متحفظين وليس لهم تواجد قوي في المنطقة، من جهة أخرى بدأ الاتحاد السوفييتي يحرك عناصره تدريجيا في المنطقة.

[تعليق صوتي]

رغم ما حدث بقي السوفييت على حالهم من الترقب الدائم لحقيقة ما يجري كما أبقوا على التوصل مع نجيب وقد عكست الوثيقة الصادرة عن الخارجية السوفييتية في الثالث عشر من أكتوبر عام 1953 رسالة كوزوريف الثانية بعد لقاء نجيب الذي انعقد في بيت نجيب بسبب مرضه وفي هذا اللقاء يقول كوزوريف إن نجيب طلب إليه مجددا إمكانية بيع السوفييت أسلحة إلى مصر فأجابه المسؤول السوفييتي إن على الرجل إرسال طلب إلى القيادة السوفييتية للنظر في الأمر وبعد ذلك يتم الحديث عن محبة نجيب لفيلمين سوفييتيين فيقص عليه الضيف حكاية الفيلميين، هنا يخبره نجيب أنه بات يتأرجح بين الأميركيين والإنجليز بما في ذلك بخصوص شراء أسلحة.

تشارلز تريب: يجب أن نلاحظ أنه في مصر الضباط الأحرار بقيادة ناصر كانوا مجموعة من شباب الضباط الذين يتفقون على بعض الأشياء وليس كلها، فهم يتفقون على الحاجة للتخلص من البريطانيين والملكية وإن لم يتفق الكل على ذلك بشكل كامل.

المواقف الغربية من الانقلاب المصري

[تعليق صوتي]

من جانب آخر تثبت الوثائق الأميركية والبريطانية المتعلقة بالانقلاب المصري في تموز / يوليو من عام 1952 الدقة في المتابعة الأميركية البريطانية للشؤون اليومية في حركة الضباط الأحرار حتى يخيل للمراقب وهو يقرأ وثائق واشنطن ولندن المتعلقة بذلك الحدث أنها تتحدث بلهجة مشتركة إلى جانب لغتها الواحدة منذ اللحظة الأولى حتى كادت تنجح في تحييد الحركة الانقلابية عن أهدافها المعلنة، حول التعامل مع العاهل المصري نجد وثيقة بريطانية موجهة من السفارة البريطانية في واشنطن إلى الخارجية في لندن بتاريخ الخامس والعشرين من يوليو عام 1952 لتقول إن الخارجية الأميركية أبلغت السفارة بأن فاروق يسأل عما إذا كان ممكنا لسفينة حربية ما ترحيله وعائلته إلى خارج البلاد وتتابع الوثيقة إن رد الأميركيين جاء ليدعو الملك إلي البقاء هادئا وأنهم لن يتدخلوا إلا إذا كان الانقلاب شيوعيا وهم الأميركيون يسألون عما إذا كانت لنا سفن في المنطقة يمكن أن تقوم بالمهمة وقد جاءت هذه الوثيقة البريطانية وكأنها نسخة حرفية لمثيلتها الأميركية التي تحمل التاريخ نفسه وتقول لسفيرها وزارة الخارجية تأمل أن تستمر في نصح الملك بعدم فعل إي شيء متهور، الوزارة توافق على رسالتك إلى الملك.. نحن لا نرغب في التدخل في هذا الموقف وهكذا وتحت هذه الظروف لن نرسل أي سفينة حربية أميركية أو طائرة إلى مصر خدمة لأغراضه.

تشارلز تريب: حين ذاك أعتقد أنه كان من المستبعد أن يفكر البريطانيون في إنقاذ أو حتى التدخل.

دينيس بوشار: أعتقد أن الأميركيين تركوا الأمور تسير كما هي رغم أن أجهزة المخابرات أحاطتهم علما بأن شيئا ما يدبر.

بلفور بول - دبلوماسي سابق بالمنطقة - لندن: بالنسبة لفاروق عندما فكرنا في إنقاذه بمساعدة الأميركيين فذلك لأنه بدل أقل احتمالا في القضاء على اهتماماتنا عن بديله.

[تعليق صوتي]

التناغم في إيقاع الوثائق البريطانية والأميركية حول وقائع الانقلاب المصري يتحدث عما هو أبعد من حدود الداخل، فهو يمتد إلى تأثيرات الجوار أيضا، الأرشيف الأميركي يمدنا بالمذكرة التي تحمل تاريخ الحادي والثلاثين من تموز / يوليو عام 1952 التي تناقش وجهة النظر الإسرائيلية من الانقلاب المصري تقول.. قال السيد إيبان إن وجهة نظر حكومته أنه من المبكر جدا الحديث عن الجهة التت اتجهت إليها مصر، لكن يبدو من المفيد في هذه المرحلة تبادل وجهات النظر مع الوزارة على أمل استخراج بعض الأفكار، من وجهة نظر إسرائيل خسارة الملك فاروق ليست بالضرورة عاملا مقلقا حيث تعتقد إسرائيل أن الملك فاروق كان يتبنى موقفا سلبيا تجاه إسرائيل وأنه في الحقيقة قد أبلغ ممثله من الدبلوماسيين بعدم التفكير في السلام المصري الإسرائيلي ومن ناحية أخرى فالإشارة المستمرة بأن اللواء نجيب بطل في الحرب الفلسطينية واستمرار مناقشة الأمر الخاص بفضيحة الأسلحة الفاسدة في الحرب الفلسطينية كسبب لهزيمة مصر مقلق بالنسبة إلينا وهكذا تنسجم هذه الوثيقة كذلك مع الأخرى الصادرة عن السفارة البريطانية في واشنطن وموجهة للخارجية في لندن عام 1952 وتحتوي على شرح للموقف الأميركي بشأن الوضع في مصر وتؤكد كراهية الولايات المتحدة الأميركية للملك فاروق ونظامه لأسباب مختلفة.

جون فيلياتير - سفير سابق في عدة دول عربية - واشنطن: في الولايات المتحدة شعور قوي معاد للاستعمار وهذا الشعور موجود دائما وأنا متفاجئ من استحضار هذا الموضوع، لم أكن أظن في حياتي بأن أحدا يمكن يعتقد بأن الأميركيين قد يهتمون لسقوط الملك فاروق.

[تعليق صوتي]

لكننا كعادتنا نتساءل فحسب.. هل بالفعل لن يهتم أحد لسقوط الملك؟ أغلب الظن أن الاهتمام كان كبيرا فالوثيقة الأميركية التي تحمل تاريخ الثامن والعشرين من يوليو عام 1952 تعكس اهتمام واشنطن بالأحداث وتقدم تقييمها للانقلابيين وأيضا أسباب تطور الأمور في القاهرة إذ تقول.. الأمور بدأت تتطور بين الضباط الأحرار والملك عندما وصلهم نبأ قيام الملك فاروق بالاتصال بالأميركيين والإنجليز لمساعدته في القضاء على الثورة وإرسال جيش بريطاني لحمايته قام الثوار بالطلب من الملك التنازل عن العرش وتم تسليم العرش إلى ابنه أحمد فؤاد الثاني الذي أصبح ملكا على مصر والسودان ورحل الملك فاروق من الإسكندرية إلى إيطاليا.

بلفور بول: أنا أتفق مع أن الأنظمة القديمة كانت توفر نوعا من الثبات والاستقرار أكثر من أي أنظمة منافسة وهذا صحيح.. أعني أن الاستقرار يهم بريطانيا في أي مكان في العالم، فمن الطبيعي أن ندعم أي أحد نعتقد أنه سيحقق الاستقرار في بلده.

مكسيم شيفشنكو: المهمة الأساسية بالنسبة لبريطانيا العظمى تمثلت في الحفاظ على الدول ذات النظم المطلقة في الشرق الأوسط بوصفها شركاء لسياسات بريطانيا العظمى الاستعمارية ومن ضمنها النخبة البريطانية الماسونية النافذة، أما المهمة الأساسية للولايات المتحدة فتجسدت في إسقاط النظم الملكية في المنطقة العربية وإبدالها بأحزاب برجوازية قومية وفي هذا الخصوص وهو ما يدعو للعجب كان الاتحاد السوفييتي قبل فترة الستينيات حليفا للولايات المتحدة لهذا الغرض، الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة تحركا في هذا الاتجاه معا لأن عدوهما كان واحدا.. هذا العدو الاستراتيجي هو بريطانيا العظمى.

جوديث كيبر: في عام 1952 كانت مصر دولة بعيدة وبالتأكيد لم تكن مهمة أميركا التدخل في كل دولة تشهد انقلابا، صحيح أننا كنا نعرف مصر من خلال الأحداث التاريخية ولكن دورنا ومعلوماتنا أو اهتمامنا بها كان محدودا جدا.

[تعليق صوتي]

رغم كل هذا النفي تثبت الوثائق أن التساؤلات كانت كبيرة حول سير الأحداث في القاهرة ورغم أن القادم كان مجهولا بحق لدى الغرب كانت الخطط والأهداف موضوعة وجاهزة وهو ما يظهر في التقرير المرسل من وزارة الخارجية الأميركية إلى السفارة في القاهرة ليقول.. على الرغم من أنه سيمر وقت حتى نقول على وجه التحديد في اتجاه ستسير مصر بعد الانقلاب نحن نعتقد أنه سيكون من الأفضل في هذا الوقت أن نفكر فيما سنفعله ويحتمل أن يكون بالتعاون مع المملكة المتحدة للرد على ما نتوقعه بأن يطلب نجيب أو الجيش المساعدة، يوجد إعجاب متبادل بين نجيب والنحاس، تورط واضح للإخوان المسلمين، احتمال البرلمان الوفدي، خلافات دستورية وإصرار واضح لبقاء الجيش في مقدمة الحياة السياسية.. كل هذه عوامل مقلقة وتدفع للمتابعة باهتمام خشية أن تصبح فكرة كره الأجانب مرة ثانية فكرة أساسية ومن ناحية أخرى لا يوجد أي عنف، موقف الصداقة الذي يتخذه نجيب تجاه أميركا والتكرار المستمر للتعبير عن رغبة الجيش في مشاركة أميركا في شؤون الدفاع كل ذلك أمور مشجعة، أكثر ما يثير الشك هو موقف النظام الجديد تجاه الجدل المصري الإنجليزي ويتضمن هذا الجدل مشكلة السودان والتي زاد تعقيدها بعد إعلان الملك أنه ملك مصر والسودان.

تشارلز تريب: يجب أن نذكر أنه كان واضحا بالسجلات التاريخية للأرشيف الأميركي أن الضباط الأحرار قد اتصلوا بالأميركيين قبل القيام بالانقلاب ليخبروهم أن ما سيحدث في مصر لن يهدد المصالح الأميركية.

ضافي الجمعاني - مؤرخ معاصر للشؤون العربية والأردنية- عمان: اجتماع الضباط في السفارة الأميركية واجتماعهم بمندوبين أميركيين من السفارة فهذا أمر كان معلن ولم يخفه أحد ولذلك أقول إنه ثورة 23 يوليو لم تكن لها علاقات استراتيجية مع أي دولة كبرى.

[تعليق صوتي]

يمضي التقرير الأميركي في طريقه واضعا خططه للسيطرة على الوضع إذ يواصل متسائلا هل سيستطيع النظام الجديد الحفاظ على النظام والقانون واستعادة الاستقرار للحكومة المصرية واستمرار طلب المساعدة من الغرب وإظهار الرغبة في الوصول إلى تسوية معقولة للمشكلة المصرية الإنجليزية وبما في ذلك ترتيبات استبدال القوات البريطانية في قناة السويس؟ بالطبع يجب أن نكون مستعدين للتعاون في هذا الموضوع ولكن لا نرغب في أن نعطي انطباعا بأننا نستعجل نجيب في الانضمام إلى الحلف الدفاعي للشرق الأوسط وفي الوقت نفسه يجب أن نتجنب ابتعاده، توقع إمكانية أن يشير الجيش المصري إلى رغبته في المساعدة من الجيش الأميركي سيكون من المفضل أن يكون لدينا فكرة عن حجم احتياجات مصر، بهذه المعلومات التقديرية ستكون وزارتا الدفاع والخارجية في وضع أفضل لتحديد مناطق التعاون مع قوات الجيش المصري.

مكسيم شيفشنكو: بغض النظر عن التحالف في حربين فإن بريطانيا اُعتبرت أحد ألد أعداء أميركا في حربها كي تسود العالم.

بافل أكوبوف: الإنجليز فهموا أنه يجب تغيير السياسات.. يجب تغيير الاستراتيجية لكن الإنجليز دائما أدركوا ووضعوا هدفا من أهدافهم هذا النفط العربي.. النفط هو هدف السياسة العليا البريطانية.

[تعليق صوتي]

الأرشيف الفرنسي يقدم إلينا الرؤية المتعمقة للموقف في مصر بعد مرور بضعة أشهر على قيام الثورة هناك، في العاشر من شباط / فبراير عام 1953 تلا الجنرال نجيب نص الدستور المؤقت المفترض أن يحكم البلاد خلال السنوات الثلاث التالية وهو ما رصدته البرقية الفرنسية الواردة من السفارة في القاهرة إلى الخارجية في باريس بتاريخ الثاني عشر من فبراير عام 1953، حيث تعرض للملاحظات الفرنسية على مواد الدستور قائلة إن تلك المواد تنص على أن السلطة العليا في يد زعيم الثورة بالاشتراك مع لجنة قيادة الثورة وهو بهذه الصفة يمتلك الحق في تعيين الوزراء وعزلهم، يتولى مجلس الوزراء السلطة التشريعية أما التنفيذية فهي تقع على عاتق الحكومة بمجملها وكل وزير في وزارته وأخيرا ينص الدستور المؤقت على اجتماع المجلس الثوري بكامل هيئته أي لجنة الضباط مع مجلس الوزراء اجتماعا يتم في أثناءه التناقش في أمور السياسة العامة ويمكن مسائلة الوزراء فرديا أمام هذا التجمع وهكذا تكتسب العصبة العسكرية التي دبرت الثورة وأدارتها بالطريق القانوني ما كانت تمارسه من البداية فعليا.. صفة حكومة من فوق الحكومة، رغم أن الدستور المؤقت أتي نتيجة مناقشات مطولة إلا أنه لا يحمل أي تعديل حقيقي للوضع القائم فهو يسمح ببقاء الشكوك المتعلقة بالسياسة المصرية كافة بين اللواء نجيب واللجنة الثورية والالتباس القائم بين مهام تلك اللجنة والحكومة، تظل مسألة نظام الحكم معلقة بدورها فالدستور لا يشير إليها أدنى إشارة لكن وزير الإرشاد القومي حين سأله الصحفيون أشار إلى أن مصر ستبقى مملكة.

بول بالتا: مثل جمهورية ملكية هنا أستشهد بقول المفكر الفرنسي مونسيكو والذي قال أن السلطة تفسد والسلطة المطلقة تفسد بشكل مطلق وهذا ما حصل في بعض البلدان ولكن ليس كلها، بعض الجنرالات وصلوا إلى الحكم أعجبتهم السلطة.

مارتن والكر - متخصص في الشؤون الشرق أوسطية- واشنطن: عندما تتم الإطاحة بحكومة بشكل عنيف يدخل السم إلى النظام السياسي وينتشر ويصعب على الذين حصلوا على السلطة بالقوة أن يستمروا في استخدامها بحكمة، العنف أمر متعفن بالنسبة إلى الحكومة ولا أستطيع التفكير في انقلاب واحد في الشرق الأوسط انتهى بشكل جيد بالنسبة إلى الشعب ولا أي واحد.

[تعليق صوتي]

على الرغم من قبح الديكتاتورية فإن التاريخ دوما يذكر أن الديمقراطية لم تكن يوما هي المهمة بالنسبة إلى الغرب.. النفط هو ما كان ولا يزال يسيل لعاب القادة هناك وهو ما توضحه الوثيقة الواردة من السفارة البريطانية في دمشق إلى الخارجية في لندن في التاسع عشر من مارس عام 1963 حول انقلاب لؤي الأتاسي في سوريا ونتائجه إذ كانت النصيحة الواردة هي.. من المهم تجنب الميل إلى جانب أي من الأطراف العربية المتنازعة وحصر أنفسنا في مصالحنا الحيوية، حماية مشايخ الخليج وتجنب أزمة دولية حول الأردن.

بلفور بول: أنا أعتقد أن السفارة البريطانية في دمشق كانت حكيمة في إعطاء تلك النصائح للحكومة البريطانية لتجنب أي إزعاج لهذا الاستقرار بأي حال من الأحوال.

تشارلز تريب: كان الاستقرار في الأردن هو على وجه التحديد ما يريدون تأمينه لأنهم كانوا يعتقدون أنه لو وصل نظام راديكالي إلى الحكم في الأردن سوف يكون هناك اندفاع تجاه صراع مسلح مع إسرائيل وخصوصا في الستينيات مع ظهور القومية الفلسطينية.

دينيس بوشار: الشرق الأوسط بسبب ثرواته وموقعه الاستراتيجي كان ساحة نزاع ما بين القوى العظمى آخرها الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، من الواضح أن أنظمة الدول العربية ساهمت بهذه اللعبة عندما بحثت عن مساندة دولة لدحر أخرى وهذا واضح في مصر وسوريا والعراق.

"
سياسة الانقلابات في الشرق الأوسط ينظر إليها بوصفها أداة سياسية، خاصة بعد العثور على احتياطي نفطي هائل وهو يعد من المواد الأساسية التي تحدد اتجاه السياسات الدولية
"
مكسيم شيفشنكو

مكسيم شيفشنكو: سياسة الانقلابات ينظر إليها بوصفها أداة سياسية، إنها سياسة صراعات إقليمية في الشرق الأوسط خاصة بعد العثور على احتياطي نفطي هائل وهو يعد من المواد الأساسية التي تحدد اتجاه السياسات الدولية ولهذا فإن القبض على الشرق الأوسط شكل أكبر المهام التي وُضعت نصب أعين الدول أو النخب التي تحدد أو ترغب في تحديد مسارات السياسة الدولية.

كاظم حبيب: النقطة المركزية في الصراع هو النفط.. نفط المنطقة، المنطقة تمتلك 66% من احتياطي النفط العالمي وإذا ما تحروا أكثر سيجدون كميات أكبر بكثير من هذه الكمية المتاحة حاليا وبالتالي فهو صراع حوله وبالتالي صراع ما بين هذه الدول.

[تعليق صوتي]

اليوم وبعد مرور كل هذه السنوات على أعتى الانقلابات العربية جرت الكثير من المياه وتواترت التحولات الإقليمية والعالمية من حولنا ولكننا نتساءل كيف كانت الدول الكبرى تتسلم على الدوام زمام الهيمنة، إلى ملف مقبل من ملفات الأرشيف.


المصدر: الجزيرة

--------------------انتهت.

[محتويات]  [إهداء]  [تنويه]  [الصفحة الخلفية]  [تمهيد] 
[الفصل الاول]  [الفصل الثاني]  [الفصل الثالث]  [الفصل الرابع]  [الفصل الخامس] 
[خاتمة] 
[نص جريدة الأخبار]
[الجزيرة 1]  [الجزيرة 2]  [الجزيرة 3]  [الجزيرة 4]  [الجزيرة 5] 

 

 
 
 
 


Hit counter
ابتداء من 22 تموز 2007

 

 

 

 

 

من نحن | | إبدي رأيك | | عودة | | أرسل الى صديق | | إطبع الصفحة  | | اتصل بنا | | بريد الموقع

أعلى الصفحة ^

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة للمؤلف 1423هـ  /  2002-2012م

Compiled by Hanna Shahwan - Webmaster